حرائق العراق إلى أين؟!

آراء 2021/07/29
...

   حميد طارش
أُسست دولة العراق الحديثة في العام 1921 بواسطة ارادة الاحتلال الأنكليزي ثم أعقب ذلك تولي السلطة ملك من الحجاز فأنعكس ذلك على مسار البناء السياسي للدولة العراقية.
من هنا بدأ خطأ التأسيس الذي جعل كل شيء يدور عكس طموحات الناس وإنقاذهم من التخلف والجهل والفقر والحرمان، بل وجعلت كل ادواتها بما في ذلك بسطاء الموظفين متسلطين على رقاب الناس في ممارسة وظائفهم، ولم تسلم منه حتى المؤسسات الانسانية وبذلك أصبحت تقاليد راسخة تتوارثها مؤسسات الدولة بتشجيع السلطات، التي أعقبت النظام الملكي وحتى يومنا هذا، حيث رأت في ذلك سحقاً للناس لتكون في مأمن من (شرورهم) الذي قد يطيح بهم عند خلاصهم من اغلال التخلف والجهل والخوف ومعرفة حقوقهم الثابتة قبل دستور الملك الاول، فالحقوق أسبق من الدساتير وما الاخيرة سوى تعهد الحاكم بتلبيتها، والسؤال بكلمة واحدة لماذا؟ كل هذه الحرائق على امتداد قرن كامل. 
حروب عبثية وقمع وظلم ونهب للثروات وخراب وبث لسموم الطائفية والعنصرية، بل وصلت الى حرق الناس بالتفجير أو بنار المستفيات، فضلاً عن حرق مزروعاتهم،  بعد أن  اعتادوا حرق ملفات فسادهم في الدوائر الحكومية.
لم يفكر حاكم ما في رؤية لما يجب ان يكون عليه العراق حسب موارده أو يضع خطة ستراتيجية لتجعل من العراق مكتفياً زراعياً وقبلةً سياحيةً، لما يحتويه من مقومات سياحية، ويجعل من النفط عامل استثمار لمشاريع كبرى تحقق التنمية للعراق، فبعد تأميمه لتمويل الحروب أعيد للاحتكار لتغذية الفساد، ويقيم علاقات دولية واقليمية على اساس مصلحة العراق ويرعى الشباب في تحقيق طموحاتهم، ويجعل من الهوية الوطنية هي الهوية المقدسة الاولى التي لا تمييز فيها بين عراقي وآخر، وألا تكون الهويات الفرعية مدعاة للاقتتال والكراهية والعنف وانما للقبول بها واحترامها، وهذا ما عمل عليه الساسة الذين خلدتهم أممهم. لم ولن تفلح الانتخابات المقبلة وأية انتخابات أخرى في إطفاء حرائق العراق، ما لم تتم اعادة النظر في تأسيس دولة تقوم على المواطنة وذات رؤية واضحة تستهدف رفاه العراقيين للعيش من دون حرائق وفواجع.