العقل العربي والعقل الآسيوي

آراء 2021/07/31
...

  د. يحيى حسين زامل 
 
 من الماضي المقاس إلى الحاضر المعاش ثمة منطقتان يظهر فيهما مستوى التفكير والعيش والممارسة اليومية تبايناً واضحاً، ومن قراءة اجتماعية وثقافية واقتصادية يظهر الفارق بين العقل العربي والعقل الآسيوي، وإن كان الأول من سنخ الثاني، ولكن يبدو أن هناك فارقاً كبيراً رغم التجاور المكاني والإقليمي الذي يعيشون فيه، فالعقل العربي قومي أممي يفتخر بأنه مصدر الحضارة الأولى، ولكنه لا يقدم أي شيء لحاضره، بل يكتفي بالتغني والتفاخر بالأمجاد، والبكاء على الأطلال، على الرغم من وجود الكثير من الموارد الطبيعية والبشرية، لأن العرب منذ القدم ينظرون إلى العمل باحتقار ويسمونه مهنة، أي من الامتهان، ويرون أن رزق الإنسان يأتي بحد السيف والغزو، أما الزراعة والعمل فإنها من صفات الضعفاء، وكان يمارسها على الأغلب غير العرب، لذلك فأنهم اكتفوا بالاستهلاك وتركوا العمل والإنتاج، والحضارة اليوم تقاس بالإنتاج. 
 بينما نرى بوضوح العقل الآسيوي برغم التنوع الديني والاثني والثقافي (الصين، اليابان، اندونيسيا، ماليزيا) يتسابق للوصول إلى التقدم والازدهار والرفاهية من خلال استثمار الطاقات البدنية والعقلية والبشرية الهائلة التي لديه، فالتنين الصيني يبدو أنه بدأ يصارع الغول الأميركي في عقر داره، ويتضح ذلك من خلال ما تستورده الولايات المتحدة من أجهزة ومعدات وآليات ثبتت كفاءتها خلال السنوات الماضية، فضلا عن تصديرها البضائع الهائلة إلى كل بلدان العالم، وقبلها اليابانيون الذين تفوقوا على الولايات المتحدة الأميركية، وحولوا بلادهم من الزراعة إلى الصناعة في عدِّة عقود، وبرعوا في صناعة السيارات والأجهزة الإلكترونية والكهربائية، فضلا 
عن اهتمامها بالتقنية الفضائية والأقمار الصناعية، منذ عام 1969، وإنها منذ العام 2003، دمجت ثلاث وكالات فضائية هي وكالة معهد الفضاء والعلوم الفلكية التابع لليابان (ISAS)، والمختبر الفضائي الوطني الياباني(NAL)، ووكالة التطوير الفضائي الوطني التابع لليابان 
(NASDA)، وشكلت وكالة استكشاف الفضاء اليابانية، والوكالة مسؤولة عن البحث وتطوير وإطلاق 
الأقمار الصناعية إلى المدارات، 
مع احتمال قريب بمهمة بشرية تابعة لها إلى القمر، وشعار الوكالة هو الوصول إلى السماء، واستكشاف الفضاء.
 ولا نريد التوسع في وصف البلدان الأخرى ومدة تطورها وازدهارها، فنظرة فاحصة على مواقع «السوشيل ميديا» ترى الفارق الكبير بين المستويين، فبينما يظهر الاسيوي يبدع في وسائل العمل والانتاج والابتكار، يظهر العربي من خلال الاهتمام بالطعام والازياء والحكايات عن الماضي والسخرية، فإن ارجع أحد ذلك إلى الفارق الديني، فإندونيسيا وماليزيا أكثرية مسلمة، وإن قال البعض إن سببه الاستعمار غير المباشر، فأكثر الدول 
الآسيوية هي تحت الهيمنة الأميركية والغربية، ولكنها تمتلك شعوبا حية ومنتجة ومتحركة، وللعمل عندهم قيمة مقدسة تتساوى مع مقدساتهم الأخرى، ولقد أثبتت هذه الشعوب بأنها شعوب منتجة وكفوءة وحاضرة وتتفاعل مع حركة المجتمعات 
الأخرى.