كلام في الحر

آراء 2021/07/31
...

  حسين الذكر
 
 
ظل العراقيون وربما غيرهم من العرب يسمون الصيف (أبو الفقير)، تلك الجملة الشهيرة التي كنا نسمعها في اطارها الشعبي المحبب أيام السبعينيات وقبلها، وما للمعنى من جملة اعتبارات لا تخلو من صدقية. من قبيل طول النهار وكثرة الخيرات وتعدد الخيارات، عكس فصل الشتاء وما يعنيه من قصر ساعات وطول ليل يغلب (الغلابة بمواويل صبر وقهر وربما امل). 
منذ تسعينيات القرن المنصرم دكت قوى الاحتلال الغربي الغاشم مؤسسات الدولة العراقية، ومعها منظومة الكهرباء تحت ذريعة تحرير الكويت، التي ما زلنا ندفع ثمنها غاليا – كشعب ومجتمع ومؤسسات - مما فرض علينا واقع تغلغل وجعه بعد الاحتلال الأميركي عام 2003، وسوء إدارة الدولة والفوضى التي تمددت منذ ذاك بصورة عجزت فيها كل القوى والحكومات السابقة وضع ملف الطاقة على طريق سكته الصحيحة، حتى غدا الصيف خطرا موجعا يداهم العراقيين – اغلبهم – بكل تداعياته ومخلفاته ولا يفارقهم الا بعد طول عناء ودفع تكاليف باهظة، لا تنحصر في اطار المولدات الاهلية بل تتفرع الى سوء مستشرٍ لا يقف عند حدود ثابتة. 
 اليوم وبعد طول المحنة السابقة ومع تعدد مأساة قطع الكهرباء وتخلخل امداداتها وسوء التوزيع، جراء اسباب عديدة لا يمكن تحت أي صورة حصرها او تحمليها للحكومة الحالية، فان ملف الكهرباء قد يكون تحت نصب اعين الجماهير بكل انتماءاتهم، بل ان شعار الكهرباء يمكن له ان يكون الصوت الصادح في ظل أي انتخابات وشعارات مقبلة. مما يتطلب ان تكون هناك نظرة وطنية شاملة تتحلى بالواقعية. وان تبدأ من خلال لجان متخصصة تقدم دراسة حقيقية شاملة لملف الطاقة بعيدة عن الامنيات والشعارات والمزايدات التي مللنا منها. 
هذه اللجان المتخصصة تضع لها هدفا واحدا هو تقديم دراسة موضوعية تطلع على حقيقة ملف الكهرباء وتعرض نتائجها على الشعب، ومن ثم تذهب الى البرلمان وأخيرا تستقر وتسلم الأمانة بيد الحكومة للانطلاق بمشروع وطني شامل.. قد يؤسس لملف وعنوان اكبر وأعم وأشمل لتصحيح بقية المسارات ووضع الحلول وتعلم درس التخصص والمصارحة والموضوعية في بقية الملفات الخدمية، التي لا تقل سوءا وتاثيرا عن مخلفات الكهرباء وما تمثله من معاناة حرارية دائمة خصوصا في فصل الصيف.