توزيع الأراضي

آراء 2021/08/04
...

  بشير خزعل
 
توزيع الأراضي بين المواطنين بادرة جيدة لحل ازمة السكن في العراق، لكنها يمكن ان تتحول الى مشكلة اخرى تفاقم الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمواطن، اذا اصبحت تلك الاراضي مجرد (سند ورقي) يحفظ على الرفوف، اذ تبقى مشكلة الخدمات وملائمة الموقع للسكن من اولويات المواطن، حتى وإن كان يسكن في العشوائيات او التجاوزات، فما فائدة قطع الاراضي السكنية، التي لا يتوفر فيها ماء الشرب او شبكات الكهرباء والطرق وتصريف مياه المجاري، اضف الى ذلك بعد تلك المناطق عن مواقع العمل والدوائر الحكومية المحصور اغلبها في قلب العاصمة، في دول كثيرة كانت تعاني من الازمة نفسها استعانت تلك الدول بشركات عملاقة مختصة في التصميم العمراني لبناء مدن متكاملة، لا يفكر فيها المستفيد في اي معضلة يمكن ان تصعب سكنه في المدينة الجديدة، 
وعلى العكس من تلك التجارب حتى في محيطنا الاقليمي ظلت المؤسسات الحكومية القائمة على هذا الامر على حالها في تخطيطها الكلاسيكي القديم، فهي توزع قطع الارضي وتترك المواطن في حيرة من امره، فلا ماء ولا كهرباء ولا حتى طريق صالح لسير المركبات او المشاة، وبعد أن يأخذ المواطن نصيبه من المعاناة لسنوات طويلة، وامتلاء تلك الاراضي بالدور السكنية تضع دوائر الخدمات خططها التي تسير بسرعة السلحلفاة لتقديم الخدمات لتلك المناطق، ليعود المستفيد الى تخريبها بسبب محاولات تطويع تلك الخدمات مع ما يلائم مصلحته وموقع بنائه، فتحفر الشوارع المبلطة وتخرب بسبب مد انابيب تصريف مياه المجاري بطرق بدائية وعلى يد عمال اهليين غير متمرسين او عارفين بمدى الضرر الكبير، الذي ينجم عن ثقب انبوب خط التصريف الرئيس في الشارع، وكذلك الحال في شبكات الكهرباء والماء وباقي الخدمات في الساحات والشوارع، ولعل سائل يسأل؟ ما المانع الذي يمنع الدوائر الخدمية من تخطيط الاراضي المخصصة للسكن وتوفير الخدمات فيها قبل توزيعها بين المواطن، لتكون مركز جذب سريع وتوسع عمراني مدروس مسبقا، وبطرق علمية وعملية لن يتمكن من يريد التجاوز على الخدمات من الوصول اليها، الا عن طريق الدوائر الخدمية المختصة. 
قرار البرلمان العراقي رقم 46 لسنة 2019 وحسب ما جاء في فقراته يعد خارطة طريق واضحة لحل ازمة السكن في العراق، في ما لو تم تطبيقه بشكل واضح وصريح، اذ يتضمن 22 فقرة تم التصويت عليها في مجلس النواب تعالج المشكلة من جميع الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والأرض وعائديتها للوزارات، فضلاً عن معالجة توفير الخدمات للمناطق الموزعة بين المواطنين من ناحية المستثمر وسعر الوحدة السكنية وطريقة الحجز على السكن وملف البناء وتوحيد التصاميم وملاحظات اخرى، تطرق اليها القرار منها الابتعاد عن الاساليب التقليدية في التوزيع العشوائي، طالما ان الاراضي الموزعة ستبقى من دون خدمات او طرق تربطها بالمدن لفترات طويلة، فتوزيع الاراضي بلا خدمات لن يحل ازمة السكن بل سيزيد من تقليص فرص الحلول، بعد ان تصبح تلك الاراضي مساحات شاسعة متروكة لايستطيع احد التصرف بها او الاستفادة منها.