محنة الكتاب العراقي

ثقافة 2021/08/04
...

 أمجد ياسين
 
لا بدّ من التغيير. إن ما تشهده الساحة الثقافية العراقية اليوم يحتم علينا البدء بوضع ستراتيجية عملية للانتقال من مجانية الثقافة الى الثقافة التي تحفظ فيها حقوق المؤلف والناشر والقارئ ايضا، هذا الشكل المثلث لا بد أن تعي اضلاعه أن المسؤولية مشتركة، وإ اي اختلال فيه يؤدي الى ما نحن فيه الان من كساد
ثقافي. 
من هنا لا بد للمسؤول او المتصدر للمشهد الثقافي العراقي من صياغة او تأسيس نظام عمل يخدم الجميع، فالكتاب العراقي وبصراحة لا قراء له في المعارض العربية، ناهيك عن العراقية، قياسا بالكتاب العربي، لا لضعف في الكاتب وانما في ثقافة راسخة تعود عليها المثقف/ الاديب العراقي قبل القارئ، وهي سهولة الحصول على اي مطبوع عراقي مجاناً سواء من الناشر او من المؤلف.
 إن مثل هذه الثقافة المجانية المتداولة لا تصنع حركة ثقافية تشترك فيها المطبعة والمؤلف والناشر، بالنتيجة العملية لا الكتاب يخضع للعرض والطلب، كما هو المطلوب ولا يصبح بضاعة يمكن تداولها ولا يخضع للمنافسة والنقد، ما دام كل شيء يتم بالمجان.
ومن شاهد الكساد الذي عانى منه المعرض الاخير في بغداد على مستوى بيع الكتاب يرصد وبسهولة الاسباب الاقتصادية العامة في البلد، وصعود قيمة الدولار وارتفاع اسعار الكتب وفوق هذا ثقافة توزيع الكتب بالمجان، التي تعني بشكل أو بآخر مجانية الثقافة وهدر الجهود الفكرية والمالية. إن المؤلف الذي ينثر كتابه للاصدقاء هنا وهناك هو من يجعل من بضاعته/ كتابه غير مطلوب، بل ويسهم في التعمية العامة لنشر الكتاب وتخلفه. مثلما يجعل الناشر لا يهتم لأبسط قوانين توزيع الكتاب ونشره اعلاميا، فيختصر الطريق عليه ليحصل على ربحه من المؤلف مباشرة وليس من مبيعات الكتاب كما هو معمول به في الثقافة العربية والمصرية على وجه الخصوص.
إن القارئ العراقي الذي لا يجد ترويجاً لكُتاب وطنه في وسائل التواصل او البرامج التلفزيونية اوغيرها، فانه مغيب قصرا عن نتاجهم، ويتحمل هو جزء من هذا التغييب. إن مطربة الحي لا تطرب لأننا لم نمنحها فرصة وليس لعلة في
صوتها. 
من هنا لا بد من وقفة وقراءة واعية لكل هذه التداخلات والاشكالات، كيف نرتقي بمطبوعنا ويصبح مطلوبا من قبل القارئ العراقي والعربي؟ لماذا يكون الكتاب العربي مرغوبا أكثر من الكتب العراقية؟ السبب إن الأديب العربي لا يوزع كتابه مجانا، انه يحترم جهد وتعب الناشر. لا نتحدث عن كتب الترجمة، التي تلقى رواجا إنما نتحدث عن القارئ العربي الذي لايسأل عن الكتاب العراقي. ان من شارك في معرض القاهرة الدولي الاخير ومن قبله معرض بغداد الدولي يلمس بوضوح هذا الامر، امر اهمال القارئ العراقي للكتاب العراقي الا من اسماء مهمة في الساحة الثقافية، ترى هل من حل او رؤية تستنهض الكتاب العراقي؟ هل من معالجة حقيقية لهذا الامر؟ اعتقد ان من يتصدر المشهد الثقافي العراقي، لا بد ان يسهم بشكل ما في وضع خطة عمل مشتركة مع دور النشر، لنقل هو أقرب الى نظام عمل يتفق فيه الجميع على مصلحة الكتاب والثقافة العراقية. 
وأول اسهامات المؤسسة الثقافية هو اقامة معارض للكتب العراقية فقط، وكما أن مهمة الجامعات وقد خصصت لها ميزانية خاصة لشراء الكتاب، نجدها تمتنع عن شراء الكتب العراقية وتشتري القليل من الكتب العربية، بينما نجد الكتاب المصري في كل المحافظات المصرية والجامعات. لنتعلم من حياتنا العامة أن المؤلف العراقي هو الخاسر الأول والأخير، وان الثقافة العراقية لا يمكنها أن تنهض ما دامت مؤسسات الدولة والجامعات والمدارس قد تخلت عن مهمة المكتبة المدرسية في حياة طلبتها. ولنا
عودة.