ما لم تقله نوارس طنجة وفراشات دبي

ثقافة 2021/08/05
...

  شكر حاجم الصالحي
 
يؤسفني أنني لم أقرأ لها من قبل رغم إصدارها اربعة كتب هي: خاصرة الذهول/ قصص، جلالته/ شعر، الحالمون بالتيه/ نصوص، و.. أركض في عينيك كغيمة تلم فستانها الأبيض/ شعر ولا أحملني هذا التقصير فسوء توزيع الكتاب العربي وضيق قنوات الاتصال - كما أزعم تقف وراء هذا الحال الذي أتمنى أن تزول مسبباته، ورغم أن وفاء سالم عبد الله مبدعة عمانية إلا أن اصدار مجموعتها (مالم تقله نوارس طنجة..) في العراق، أتاح لنا فرصة الاطلاع على كنوزها وإمكاناتها الشعرية خاصة لاسيما ان المبدع العراقي حمدي مخلف الحديثي قد كتب مقدمة وافية لهذه المجموعة التي ستكون محط اهتمام ذائقتنا القرائية وقول ما تستحقه من إشارات نافعة، وقبل ان نأخذكم في قراءة بعض نصوص المجموعة وددت أن أقدم وأقتطف بعض ما كتبه الصديق حمدي مخلف في مقدمته الترحيبية فهو يقول: تجد الشاعرة وفاء سالم عبد الله لذة شعرية في ابتكار أنموذج تصويري شعري متألق في اختبار المؤدات اللغوية وهندسة عالية في تركيب العبارات لتعطي الصور الشعرية التي تحكي لقطات انسانية/ حياتية/ ذاتية تصل الى الآخر.. ويضيف حمدي مخلف: أن القارئ يجد قيمة فنية وجمالية طرزها إبداع الشاعرة وفاء سالم /ص٧، خمسون نصاً تضمنتها (ما لم تقله نوارس طنجة) تركتها وفاء سالم من غير عنوانات واعطتها أرقاماً بدلاً عنها باستثناء المقطع السادس عشر الذي أسمته (جولة) ص٣٤ لكن المجموعة - وأيم الحق- امتعتنا بأجوائها الرومانسية والغنائية عبر صورها الجميلة ولغتها السليمة، وجعلتنا نعيش لحظات من التذكر والاحتفاء بالحياة وجمالها، فهي تستغرق في كشف تفاصيل المدن التي زارتها وعاشت لذائذها، وحرضتنا على خوض تجاربها الانسانية وتفاصيلها الدقيقة: بملابس بيضاء نستقبل صباح الجمعة والجمعة في طنجة تماماً كالصباحات الشواطئ والشوارع كلها ثملة حتى النوارس../ المقطع الخامس ص20 والبياض كما نعرف إشارة لبياض القلوب واحتشادها بالمحبة والعافية، ولنتصور هذا النص في واقعيته، فالفرح يملأ النفوس بالبهجة حتى النوارس ثملة معافاة، انها تجربة معايشة ليست من خيالات الشاعرة وانما عاشتها بتفاصيلها وأسست لحياة مفعمة بالأمل والحب، وليس هذا بغريب على شاعرة تمتلك كل هذه الحساسية ودقة المشاعر والتفاني من اجل صنع السعادة في مسامات الروح الوافدة من سلطنة عمان الى أقاصي المغرب العربي المتوج بالحرية وأصوات النوارس المرفرفة في سماء طنجة.. في المقطع الثامن عشر يتسرب الحزن الشفيف الى قلب الشاعرة فتعيش لحظات من القلق والانتظار والخشية من قابل الايام: يمرّ الحنين على قلبي يسرق الفرحة فرحتي كانت فراشة وأنا يا صديقي نورسة خائفة.. ص38، وبين النوارس والفراشات واحلام الليالي المعاصرة برفقة الاصدقاء والمحبين تفيض وفاء سالم معبرة عن إنسانيتها وجوهرها، ولذا فهي لا تكف عن مطاردة الفراشات والتمتع باسراب النوارس فوق سواد شعرها العماني، ومن أجمل ما قالته الشاعرة هذا المقطع الذي يفيض صدقاً وعذوبة: رد لي قلبي كي أواجه به هذا الضجيج وأطفئ هذا اللهيب المتقد فيّ، وأتنفس لغة بوحي كطفل تغزل الشمس من ضحكته حديقة.. ص81 وفي مجمل القول ان (ما لم تقله نوارس طنجة وفراشات دبي) مجموعة شعرية قدمت لنا اضاءة عن شعر العرب في هذا الجزء من الوطن، وأفادتنا في قراءة هذا المنجز الذي ابهجتنا وأكد لنا ان العرب أمة شاعرة وفيها من الأسماء التي نفتخر بها وما وفاء سالم إلا واحدة من شاعراتنا المبدعات التي نأمل أن تديم تواصلها مع اشقائها في العراق، وان تعزز علاقتها الإبداعية بهم، وكان بودي ان تتفادى بعض الاغلاط والاخطاء الطباعية التي الفت الانتباه الى ضرورة معالجتها في طبعة ثانية.. كصحرائنا، والصواب صحراءنا ص١٥، البحشر والصواب البحر ص34، وعبر والصواب عبرة، وغني وصوابها غنّ ص71 أيضاً، واضأتها والصواب اضاءتها ص89، واخيراً شكراً أيتها الشاعرة وشكراً لمن اتاح لنا فرصة قراءة هذه المجموعة وابداء الرأي فيها.