المسؤوليَّة المدنيَّة للعنف ضد المرأة

آراء 2021/08/07
...

 القاضي
كاظم عبد جاسم الزيدي 
نظرا لكون المرأة هي نصف المجتمع ولها دور كبير في المجتمع، ورغم ذلك فأنها تتعرض الى العنف والاعتداء الجسدي والنفسي والعنف اللفظي والاجتماعي والعنف الاقتصادي والتعليمي، حيث إن جميع هذه الاشكال من العنف التي تتعرض له المرأة يلحق بها ضررا نفسيا وجسديا وتتعرض المرأة في جميع المجتمعات الى انواع عديدة من العنف الاسري، سواء في مرحلة ما قبل الزواج او بعد الزواج، ويحق للزوجة بشكل خاص والمرأة بشكل عام ان تطالب بالتعويض عن الضرر، وفقا لا حكام القانون المدني العراقي.
 
وقد تضمن قانون الاحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959 المعدل العديد من الضمانات، التي تعالج قضايا المرأة ضمن اطار العائلة ومنها قضية تعسف الزوج في حق المطاوعة والتعويض عن الطلاق التعسفي، حيث ان عدم ادراك المغزى الحقيقي لحق المطاوعة من قبل الزوج، وفق المفاهيم الشائعة الخاطئة عن هذا الحق ادى به ان يكون سلاحا للتضيق على الزوجة ووسيلة قهر تعجز عن مقاومتها والاساليب، التي يستند اليها الزوج في الحصول على الحكم بالمطاوعة بنية تجريد الزوجة من حقوقها الشرعية والقانونية من خلال تهيئة بيت زوجية تنتفي فيه ابسط الوسائل الضرورية للمعيشة جعل هذا الحق الشرعي صورة من صور العنف ضد المرأة.
وان قضية مطاوعة الزوجة لزوجها تعد من القضايا الاكثر اهمية في مستقبل العائلة وذات بعد اجتماعي ممتد في عمق الروابط والعلاقات الانسانية بين الرجل والمرأة في اطار الاسرة والتماسك العائلي، مما يتطلب استيعابا للنص الفقهي والتعامل مع الواقع الاجتماعي، ومن حالات التعسف بحق الزوجة الامتناع عن النفقة والامتناع عن
تأدية المهر. 
حيث نصت المادة (23/2) من قانون الاحوال الشخصية يعد امتناعها بحق ما دام الزوج لم يدفع لها مهرها المعجل ولم ينفق عليها، وقد يستخدم الزوج اساليب عديدة منها التشهير بالزوجة والحاق الضرر بها والتضييق عليها، وهو بذلك يعد متعسفا بحق الزوجة والتضييق على الزوجة يختلف باختلاف وضعها الاجتماعي ومركزها، ومن الحالات التي يعد فيها الزوج متعسفا باختيار البيت الشرعي بعد البيت الشرعي عن محل عمل الزوجة، بحيث يتعذر معه التوفيق بين التزاماتها البيتية والوظيفية وتأثيث البيت الشرعي بأثاث متنازع عليه ووضع اثاث لا يعود له او يخص اشخاصا اخرين من اقربائه لغاية في نفسه والقصد منها الاساءة للزوجة وسلب حقوقها الشرعية والحط من كرامتها. وإن أوضح صورة للعنف الاسري ضد المرأة الطلاق من دون سبب، فاذا كان الطلاق ابغض الحلال عند الله، فانه يجب ان تكون هناك اسباب للطلاق، حيث تفاجئ الزوجة بالطلاق دون مبررات اومسوغات شرعية اوقانونية وعلى الرغم من ان المشرع العراق قد تدراك ذلك بفرض تعويض عن الطلاق التعسفي على الزوج للزوجة المطلقة واستحقاق نفقة العدة والمهر المؤجل مقوما
بالذهب.
 حيث نصت المادة (39/3) من قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 : (اذا طلق الزوج زوجته وتبين للمحكمة ان الزوج متعسف في طلاقها وان الزوجة اصابها ضرر من جراء ذلك تحكم المحكمة بطلب منها على مطلقها بتعويض يتناسب وحالته المالية ودرجة تعسفه يقدر جملة على ان لا يتجاوز نفقتها لمدة سنتين علاوة على حقوقها الثابتة الاخرى) واستنادا للنص المذكور تستحق الزوجة تعويضا عن الطلاق بسبب الضرر من جراء الطلاق وللزوجة طلب التعويض من زوجها في حالة الاعتداء عليها وثبوت الاعتداء بموجب حكم قضائي مكتسب الدرجة القطعية. ونجد من الضروري تعديل نص المادة (39/3) من قانون الاحوال الشخصية العراقي بخصوص تعويض المرأة عند طلاقها تعسفا ويكون التعويض مبلغا يتناسب وما قضته الزوجة في الانجاب ورعاية الزوج ومن الحقوق الزوجية حق الزوجة المطلقة في السكن بدار الزوجية، بعد وقوع الطلاق ولمدة ثلاث
سنوات.
وان ممارسة العنف ضد المرأة وبأي صورة من صوره يرتب مسؤولية قانونية على مرتكبها سواء كانت جزائية تتمثل بمقاضاة مرتكبي العنف جزائيا، لينال عقابه العادل اومسؤولية مدنية تتضمن حصول المرأة المعنفة على التعويض المناسب لها جراء تعرضها للعنف ممن مارس ضدها وبالوسائل القانونية المتبعة.