التجارب التنموية

اقتصادية 2019/02/23
...


ياسر المتولي 
مع بداية عهد كل حكومة جديدة تتصاعد دعوات تنشيط التنمية الاقتصادية الهادفة الى تصحيح مسار التشوهات التي اصابت المشهد الاقتصادي للبلد  الاعتماد  على تجارب الدول التي مرت بذات الظروف التي قادت الى تراجع اقتصاداتها .لكن الملاحظ ان  هذه الدعوات  تطلق من دون ان تحدد اي الطريقتين نختار: استنساخ تجربة بلدما بعينها ام الاستفادة من مضامين ونتائج تلك التجربة ؟
هذا التساؤل وليد مقال منشور بعث الي عن طريق احد اقاربي وصديقي لمعرفته باهتماماتي بالشان الاقتصادي.
فاثار هذا المقال  اعجابي حيث تحدث كاتبه عن تجربة البرازيل وكيفية خروجها من مازق القروض التي اقترضتها البرازيل من صندوق النقد الدولي  لمعالجة الازمة المالية الخانقة التي تعرضت لها   خلال حقبة الثمانينيات.
ويشير الكاتب الى ان كل القروض لم تحل ازمتهم الى ان تم الاعلان عن الافلاس فرفع الصندوق يده عنها، فقررت التخلي عن قروض الصندوق .
راق لي هذا المقال كونه تزامن مع قرار العراق بايقاف الاقتراض مع التشابه الكبير في نتاج الازمة على البلدين ومن هنا لابد من النظر الى التجربة البرازيلية كيف تعاملت بعد هجر القروض .
ولعل اللافت هو ان التجربة البرازيلية حديثة العهد بدأت في العام 2003 اي متزامنه مع فترة ولادة مرحلة التغيير في العراق  . نتجت عن ازمة البرازيل عدة ظواهر منها ارتفاع  حجم البطالة وتجذير ظاهرة الفساد وارتفاع في معدل حالات الجريمة وضعف الاداء الاقتصادي وزيادة نسبة الفقر وهي ذات الظواهر التي ظهرت هنا وما ان جرت انتخابات العام 2003 حتى اعتلت عرش الحكم حكومة برازيلية  منتخبة جديدة  استطاعت بادارتها تخليص البلد من شبح القروض ومديونيتها العالية خلال 4 سنوات وتنمية قطاعاتها الاقتصادية. حيث انتهجت مجموعة سياسات تقشفية في النفقات التشغيلية والخاصة بالرفاهيات والانفاق العام ورفعت نسبة الضرائب على الطبقات المتمكنة وايلاء قطاعات الصناعة والتعدين والزراعة والتعليم اهتماما استثنائيا وتشجيع القطاع الخاص ورؤوس الاموال المهاجرة بامتيازات الاعفاءات الضريبية والاراضي المجانية  لجذبها للاستثمار .
كما عالجت نسبة الفقر بتخصيص نسبة من تخصيصات الموازنة  لدعم الاعانات الاجتماعية بشكل رواتب مالية للطبقات الفقيرة وليس دعما عينيا.
 والان تستعد البرازيل، بحسب المقال للاعلان عن احتفالها بانتاجها لغواصة نووية، لتحتل المرتبة السادسة عالميا"في مجال صناعة الغواصة النووية بعد الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانية.
هذا نموذج تجربة تنموية عالمية تستحق الوقوف عندها، لكن لابد من الاجابة  على سؤال مفاده هل عن طريق استنساخها ام عن طريق الاستفادة من مضامينها ونتائجها؟