الصين تتحرك سريعاً لأخذ مكان أميركا في أفغانستان

آراء 2021/08/08
...

 دوف زاكيم
 ترجمة: أنيس الصفار 
 
بينما تمضي الولايات المتحدة في سحب قواتها من أفغانستان لم تبدِ الصين ادنى تردد في الدخول اليها. ففي وقت سابق من الاسبوع الماضي أجاب تسعة من زعماء حركة طالبان دعوة تلوها لزيارة بكين، حيث التقوا في مدينة «تيانجن» وزير الخارجية الصيني «وانغ يي»، وكان أحد اولئك الزعماء هو الملا عبد الغني برادر من مؤسسي الحركة. قال وانغ لضيوفه ان الصين تتوقع ان يكون لطالبان دور مهم في عملية المصالحة السلمية وإعادة البناء في أفغانستان، كما وصف الجماعة بأنها قوة سياسية وعسكرية محورية في ذلك البلد.
من هنا يبدو ان المسألة باتت مسألة وقت قبل ان تعترف الصين بسيطرة طالبان الفعلية على أفغانستان، حتى لو ثبتت واشنطن على التزامها بدعم حكومة كابول.
رغم حثه الزائرين الافغان على عدم السماح لبلدهم بأن يتحول الى منطلق لعمليات حركة «شرق تركستان الاسلامية» التي تطالب بالاستقلال عن «شنيانغ»، وهو موقف ينسجم مع سياسة الصين الثابتة، تحاشى وانغ الاشارة الى الشؤون الداخلية للدولة الأفغانية. يقول محمد نعيم، المتحدث باسم حركة طالبان: إن الصين صارحتهم بأنها لن تتدخل في الشؤون الأفغانية، ولا بد أن هذا كان مبعث ارتياح للحركة.
تعترف الصين رسمياً بالحكومة الأفغانية، وقد عقدت في أواخر شهر حزيران لقاء فيديوياً مع وزير الخارجية الأفغاني محمد حنيف أتمر ونظيره الباكستاني شاه محمود قريشي للتباحث حول مبادرة بكين المسماة «الحزام والطريق». لقد كانت الصين منذ عهد طويل شريكاً تجارياً أساسياً لأفغانستان وهي تسعى لتوسيع مشاريع مبادرتها المذكورة في افغانستان، حيث تهدف بكين الى جعل هذا البلد عقدة ربط اساسية في آسيا الوسطى.
عدا هذا أن وانغ نفسه كان قد اجرى لقاء آخر مع أتمر قبل التقائه بحركة طالبان بأيام. فعلى خلاف الولايات المتحدة، التي تبقي على اجواء العداء مع طالبان حتى اثناء التفاوض معهم، تعمل الصين على توفير كل فرصة ممكنة للنجاح.
مع هذا يتجه تركيز الصين بشكل واضح نحو طالبان. اما باكستان، التي كانت الصديق في السراء والضراء، فقد تحولت الى أرضية لانطلاق نشاطات طالبان منذ ان أطاحت القوات الأميركية وحلفاؤها الأفغان بهذه الجماعة عن سدة الحكم. التقى وانغ بقريشي في شنغدو قبل بضعة ايام من لقائه قادة طالبان، ويعتقد ان ذلك كان لتنسيق مواقف الطرفين بشأن افغانستان حال اكتمال خروج القوات الأميركية من البلد.
حين تحدث وزير الدفاع الأميركي «لويد أوستن» مخاطباً «المعهد الدولي للدراسات الستراتيجية» في سنغافورة، وكان ذلك في تزامن تقريباً مع وجود قيادات طالبان في بكين، حمل على الصين بشدة بسبب ادعاءاتها المتعلقة ببحر الصين الجنوبي، التي أكد انها لا سند لها في القانون الدولي وتعد تجاوزاً على سيادة دول المنطقة. تطرق اوستن ايضاً الى ما وصفه بـ«العدوان الصيني على الهند» وقضايا اخرى نعتها بالانتهاكات، ولكنه لم ينبس بكلمة تشير الى مساعي الصين الواضحة لتلطيف اجواء علاقاتها بحركة 
طالبان. 
ربما تراءى لأوستن ومستشاريه أن أفغانستان من دول آسيا الوسطى وبالتالي لن تكون من اهتمامات مستمعيه في جنوب شرق آسيا، إلا ان «شنجيانغ» رغم وقوعها في آسيا الوسطى تمتلك حدوداً مشتركة مع إقليم «بادخشان» الأفغاني.
تؤكد واشنطن انها سوف تواصل دعم حكومة كابول اقتصادياً وعسكرياً، ولو ان الدعم العسكري سوف يبقى عن بعد، ولم تحدد كيف تعتزم استخدام ذلك الدعم العسكري الذي إذا ما فشل في امداد الحكومة بمقومات البقاء فسوف يضع حتى المساعدة الاقتصادية في موضع شك. في غضون ذلك تسارع الصين الى ملء الفراغ الذي أوجده رحيل 
الأميركيين.
احتمال قيام حكومة يرأسها الطالبان وترتبط مع الصين بأوثق العلاقات سوف يمثل اسوأ تداعيات الانسحاب الأميركي المتعجل من بلد بذلت فيه كل تلك الدماء والأموال. الأمر الآخر الذي لا يقل اثارة للضيق هو ان ذلك سيضيف فقرات أخرى الى قائمة أوستن الطويلة المتعلقة بقلق الأميركيين من نفوذ الصين وزخم تحركها في مختلف انحاء آسيا. 
 
عن صحيفة «ذي هل»