الديمقراطية غير المكتملة

آراء 2021/08/09
...

  سعد العبيدي
 
لا أحد يجرؤ في سياق النقاش البيني القول إن تجربتنا الديمقراطية، التي بدأت بعد عام (2003) قد اكتملت أو أخذت المسار الصحيح بين الديمقراطيات العالمية وهي تخطو بالاتجاه النمائي الصحيح، لأنها هنا في العراق قد غُرزت نبتة الديمقراطية أصلاً في بيئة اجتماعية لم تكن مهيأة للنمو، تعوّد أهلها لسنين طوال قبل تلك السنة على نوع من الإدارة الديكتاتورية، شكلت سلوك أغلبهم مركباً فيه الجزء الغالب ديكتاتورياً يريد صاحبه أو يسعى من جهة، لأن يكون رأيه هو الرأي المستجاب، باعتباره الرأي الصائب أو الوحيد الصائب، وفيه الجزء الآخر من جهة أخرى مستجيباً حد الانصياع لرأي الأعلى جهة حزبية أو شخصاً. تناقض مخل أنتج عبر التكرار وطول الفترة الزمنية سلوكاً عند الكثير لا يتناسب مع الديمقراطية في غالب الأحيان، حيث الاضطراب الاجتماعي لمعايير التعبير عن الرأي بالطرق الديمقراطية، حتى صار الجميع يفتي في غير مكان الافتاء، ويبدي رأياً في غير زمانه، وتعثرت الاستجابة الى رغبات وتطلعات وأفكار الغالبية، حلت محلها الرغبة بالمخالفة وعدم الرضا عن ما يقال وإن كان صحيحاً. 
ديمقراطية العراق النامية، شهدت كثيراً من العثرات والهنات في طريق التطبيق بسبب ذلك التناقض المخل، فالتزوير على سبيل المثال وسهولة بيع الأصوات وشرائها والانحياز العائلي والعشائري، وأخيراً الدعوات المتكررة لمقاطعة الانتخابات وغيرها التي تقع ضمن الجزء الديكتاتوري الغالب من العقل، هنات لو تمت متابعة حصولها في مناطق أخرى من العالم، سيرى المتتبع أنها أو بعضها قد حصل في عديد من الديمقراطيات النامية، لكنها تناقصت بالتدريج حتى بلغت تلك المجتمعات مستويات السواء الديمقراطي النسبي، وسيرى أي المتابع أن بلوغ مستوى السواء الديمقراطي في العراق يسير بطيئاً وبطيئاً جداً، وتحف بمسيرته كثيراً من المخاطر بينها وأكثرها خطورة تلك الدعوات التي تظهر 
بين الحين والآخر للارتداد الى الديكتاتورية.