مع تواصل الاحتجاجات في السودان اثر تردي الخدمات وتواصل الوعود بتحسينها، سارع الرئيس السوداني عمر البشير بخطوة جريئة لتطويق الازمة ووضع النقاط على الحروف، اذ امر بحل حكومة الوفاق واعلان حالة الطوارئ كما وجه بتعطيل نظر البرلمان السوداني في التعديلات الدستورية التي تسمح له بالترشح مرة أخرى لمنصب رئيس البلاد، وسط امتعاض المعارضة من الموقف الحكومي الذي عدته التفافاً حول المطالب الشعبية متوعدة في بيان لها بمواصلة الاحتجاجات حتى تنحي البشير عن الحكم» بحسب بيان المعارضة.
عيّن رئيس السودان عمر حسن البشير، في وقت متأخر من يوم الجمعة حكومة جديدة ولكنه أبقى وزراء الدفاع والخارجية والعدل في مناصبهم، كما عيّن 18حاكما للولايات كلهم من القادة العسكريين.
وأصدر البشير، امس السبت ، قرارات جمهورية بتعيين 6 وزراء اتحاديين و18 واليا (حاكم ولاية) ينتمون كلهم إلى الجيش والشرطة والأمن، لتسيير أعمال الحكومة، من دون أن يتطرق إلى مصير رئاسته التي يطالب المحتجون بتنحيه عنها.
وكان الرئيس السوداني، قد حل مجلس الوزراء وأعفى الولاة من مناصبهم، في خطاب له بالقصر الجمهوري، مساء اول امس الجمعة.
وأبقى الرئيس البشير على ستة وزراء اتحاديين في الحكومة الجديدة، هم وزراء الدفاع، والعدل، والخارجية، ومجلس الوزراء، ورئاسة الجمهورية، وديوان الحكم المحلي.
وبالنسبة للولايات، عين البشير 18 واليا جديدا، جميعهم ينتمون للأجهزة العسكرية من شرطة وجيش وأمن.
وأعلن البشير، يوم الجمعة الماضي إقالة حكومة الوفاق الوطني، وجميع الحكومات المحلية للولايات السودانية، مؤكدا نيته تشكيل حكومة كفاءات وطنية لاتخاذ تدابير اقتصادية جذرية.
وفرض البشير أيضا حالة الطوارئ في كل أنحاء البلاد لمدة عام، كما أمر بتعطيل نظر البرلمان السوداني في التعديلات الدستورية التي تسمح له بالترشح مرة أخرى لمنصب رئيس البلاد.
ويشهد السودان احتجاجات شبه يومية منذ 19 كانون اول الماضي، تفجرت في بادئ الأمر، بسبب الزيادات في الأسعار والنقص في السيولة النقدية، لكن سرعان ما تطورت إلى احتجاجات ضد حكم البشير القائم منذ ثلاثة عقود.
ويقول نشطاء، إن نحو 60 شخصا قتلوا في الاحتجاجات بينما تشير الأرقام الرسمية إلى مقتل 32 شخصا، منهم ثلاثة من رجال الأمن.
ويعاني السودان من صعوبات اقتصادية متزايدة، مع بلوغ نسبة التضخم نحو 70 بالمئة وتراجع سعر الجنيه السوداني مقابل الدولار الأميركي وسائر العملات الأجنبية.
موقف معارض
في المقابل أعلن «تجمع المهنيين السودانيين» عن مواصلة ما اسماه «المد الثوري السلمي» حتى تتحقق مطالب الشعب و»على رأسها تنحي النظام ورئيسه»، مضيفا أن «إعلان حالة الطوارئ يبين حالة الهوان والضعف للنظام» بحسب البيان.
وقال التجمع في بيان له الليلة الماضية، بعد إعلان الرئيس السوداني حالة الطوارئ في البلاد، إن «المد الثوري السلمي» سيتواصل حتى تسليم السلطة لحكومة قومية انتقالية، مؤكدا أن تحركات ستنطلق اليوم الاحد ردا على الخطاب الذي توجه به الرئيس عمر البشير إلى الشعب .
ودعا البيان الجيش السوداني إلى عدم القبول بـ»أي مساومات لحماية الوطن وسلامه واستقراره»، مضيفا أنه لا يجب أن تسمح القوات المسلحة بأن «تُستخدم كدرع لحماية النظام»، مؤكدا على سلمية الاحتجاجات.
من جهة اخرى، قالت وسائل إعلام سودانية، إن السلطات أطلقت سراح 6 من قادة المعارضة كانت قد اعتقلتهم قبيل مشاركتهم في التظاهرات التي شهدتها الخرطوم الخميس الماضي، من بينهم نائبة رئيس الحزب مريم الصادق المهدي. وانتقدت المهدي إجراءات السلطات السودانية المتمثلة بإطلاق سراح بعض المعتقلين والإبقاء على آخرين ووصفتها بأنها «تمثل سياسة فرِّق تسد التي تنتهجها الحكومة»، حسب تعبيرها مشيرة إلى أن قوى المعارضة عازمة على المضي قدماً نحو «تحقيق الأهداف والغايات التي تلبي تطلعات الشعب». وأصدرت 3 قوى معارضة «تجمع المهنيين السودانيين ونداء السودان والإجماع الوطني» بياناً مشتركاً رفضت فيه اعتقال قادة المعارضة، مشددة على أن هذه الإجراءات «لن تجعلها تتراجع».
وأعلنت هذه القوى جدولاً جديداً من الاحتجاجات في السودان هذا الأسبوع عبر تنظيم تظاهرات واعتصامات ليلية في أحياء العاصمة ومدن الولايات.
اذ خرجت تظاهرات في عدد من المدن السودانية احتجاجا على القرارات الأخيرة التي أصدرها الرئيس عمر البشير، وأكد المحتجون تمسكهم بمطالبهم رافضين ما وصفوه بالالتفاف على هذه المطالب وفقا لصحيفة «سودان تربيون»:
وخرجت الاحتجاجات في أحياء بري، جبرة، الديم، المنشية بالخرطوم، علاوة على الموردة بأم درمان، والشعبية والمزاد وشمبات في الخرطوم بحري، في وقت أطلق فيه تجمع المهنيين وقوى إعلان الحرية والتغيير دعوة للسودانيين للخروج والتظاهر في كل المدن والأحياء.