بغداد: قاسم موزان

عرف الجمهور العربي عبد العظيم عبد الحق المولود في مصر (1905 - 1993) من خلال تجسيده اللافت لشخصية (النجاشي ملك الحبشة) في فيلم الرسالة باتقان تام ومذهل، اذ عقد ما يشبه المناظرة في الاديان السماوية بين المسلمين الفارين من ظلم رجال مكة الى مملكته في بداية الدعوة الاسلامية ووفد قريش المطالب باسترجاع الفارين وعلى الرغم من صداقته لرجالات قريش، الا انه رفض تسليمهم، بعد قناعته بطروحاتهم وتركهم احرارا في ارض المملكة.

 ولقد حبس المشاهد انفاسه في هذا المشهد الرائع «المسرحي السينمائي» الذي يحمل اكثر من مدلول في التعامل بين نقيضين متخاصمين، وحاز تقمصه على اعجاب النقاد والمهتمين بأعماله. 

وادى عبد الحق ادوارا سينمائية مهمة بدأها في العام 1961  بفيلم «تحت سماء المدينة»، وافلام «مخالب القط، والمومياء، والسمان والخريف، والاراجوز مع عمر الشريف» واخرها الرجل العجوز راكب الباص في فيلم «ارهاب وكباب» مع عادل

 امام. 

ويعد هذا المشهد من الروائع في السينما المصرية، ولم تؤد ادوات النقد السينمائي مهامها في تسليط الضوء على اعماله التي جسدها بحرفية عالية لاسباب مجهولة.

   لكن الذي لا يعرف عن هذا الممثل الكبير في الاداء والتماهي في الشخصيات، عدا المهتمين بالشأن الموسيقي، انه ملحن ومطرب كبير يتميز بالاداء الصوتي وله اسهامات جديرة بالاهتمام والدراسة في اسلوب التلحين الذي اختطه لنفسه، فهو ليس تجربة موسيقية عابرة في تاريخ الموسيقى العربية، ويمكن أن يكون على قدم المنافسة مع كبار الملحنين فهو صاحب اكثر من 500 لحن في ارشيف الاذاعة

 المصرية.   

بدأ مشواره في المعهد العالي للموسيقى عام 1948، في سن متأخرة، وتخرج فيه العام 1952، ليواصل حياته في التمثيل والتلحين وكان المطرب المفضل  للملكة نازلي والدة الملك فاروق. 

وقدم عبد الحق الحانا متميزة لكبار المطربات والمطربين، منها لحن الاغنية الشهيرة «وحدة ما يغلبها غلاب» لمحمد قنديل واغنية «سحب رمشه ورد الباب»، وكذلك لفايزة أحمد، وليلى مراد باغنية «رايداك والنبي رايداك» ولكارم محمود اغنية «الصيادين»، وشريفة فاضل، و«تحت الشجر يا وهيبة» لمحمد رشدي التي اعتذر عن تلحينها الكثير لغرابتها لتكون بعد حين بصمة رشدي الغنائية واغنية «في قلبي غرام» لمحمد عبدالمطلب واغانٍ دينية غاية في الابداع الفني. ووضع الملحن عبد العظيم موسيقى تترات المسلسلات والأفلام مثل تتر مسلسل «الرحيل» و«هارب من الأيام» و«الضحية»،  وتترات أفلام مشهورة منها «تحت سماء المدينة ومخالب القط». 

وفي صمت رحل احد ابرز ايقونات الموسيقى العربية الذي اثراها

 بعطاء باذخ لا يمكن اغفاله.