سرى مؤيد.. قماش وخيوط وأفكار

ثقافة 2021/08/10
...

ابتهال بليبل 
 
تشتغلُ الفنانة الشابة (سرى مؤيد) على ثيمة مهمة جدا يمكن أن نلخصها بـ (عالم الألم والجسد الأنثوي) وتنطلق دائماً في تكوين كتل مرئية محسوسة عمادها (القماش والخيوط).. هذه الكتل تؤلف معنى يثير الوعي النسوي ويشكل ردة فعل مناهضة للأنظمة الأبوية.. فدائما هناك ثيمة أساسية تعود لها مؤيد في كل أعمالها الصادمة والساخرة من الواقع، ويمكن أن نحددها بالموت كعقاب فني متكرّر لشخصيات نسائية تقليدية تتعدى على الأعراف الجنسية الأبوية.
ففي أعمالها المصنوعة من الخيوط والأقمشة، نلمح الغضب والتحدي والعنف، وهناك دائما امرأة خائفة من التمثيل، ومن المعالجة إنها تقول الحقيقة، وتقوم بما هو عكس المألوف، فنرى دمى القماش عبارة عن هجاء للإنشاءات الأبوية مثل زواج القاصرات، تعنيف النساء وقتلهن، عبودية الجنس، وربّة المنزل فضلا عن الاهتمامات المناهضة للسلطة الأبوية مثل كسر التقاليد، النساء المتحررات والمستقلات. 
سرى مؤيد ليست شخصية مشهورة، وفي بداية مشوارها الفني لكن أفكارها متميزة وناضجة وتأخذني أعمالها للفن النسوي السريالي ولفنانات عالميات أمثال ميريت أوبنهايم (1913-1985) وإلسا سكياباريلي (1890-1873)، إذ قدمن أعمالهم التجريبية في وقت عززت فيه الديكتاتوريات والأنظمة الاستبدادية المهيمنة الدور التبعي للمرأة. 
فبدلا من الدفاع عن النساء بأصواتهن تشكلت مشاعرهن من خلال أعمالهن التي عكست الكثير من القضايا التي تناولتها النسوية، مثل الأمومة والحقوق المدنية والجنسية والعنف وغير ذلك.
إنّ ما تقدمه سرى مؤيد من أعمال فنية تسهم في إبراز إمكانات الجسد، وتحاول إعادة صياغة مفهوم الألم الأنثوي على وفق رؤيا حداثية جداً تأخذ من متغيرات الحياة الكثير، وتحاول أن تستغل كل جزئية ممكنة لتخدم عملها المكون من مواد قابلة للتشكيل المادي والمعنوي مثل القماش.  
فالشعور بالاضطهاد الذي يتم نقله بشكل خاص عبر الرمزية الجسدية لهذه الأعمال، يتناقض باستمرار مع الشعور بالحرية الذي يتم التعبير عنه من خلال اشكال مثيرة –عارية- تظهر الأجساد وكأنها أكثر تحرراً كالأثداء -على سبيل المثال لا الحصر- ومن ثم، تعالج أعمال سرى الفنية هنا التداخل الحاصل بين الذعر الأخلاقي وخطابات الأنظمة الأبوية، ومفهوم الجسد الأنثوي. بحيث تحافظ هذه الأنظمة من خلال الألم على أجساد النساء لتعزيز هيمنتها الذكورية.
في الوقت نفسه، تدفعنا هذه الأعمال إلى التركيز على طرق تصوير النساء لغرض البحث عن النماذج الأصلية من منظور نسوي، وفحص القيم الأنثوية تجاه الشعور بالآخرين –المجتمع- أو تلفت انتباهنا إلى الطريقة الأبوية التي تستخدم في بناء الذات الأنثوية وكذلك في جهات المقاومة المتوقعة.
حقيقة، أعمال الفنانة الشابة سرى مؤيد عميقة وهي ليست جريئة كما يقال أو يُعتقد، لأنها تضيء الحقيقة التي قد تبدو غائبة عن الأنظار، وتحمل أيضا رسالة مفادها أهمية الفن النسوي ودوره في اظهار معاناة النساء.