صندوق الأجيال

آراء 2021/08/12
...

  بشير خزعل 
 
في سبعينيات القرن الماضي كانت اغلب دول الخليج ومنها العراق تحظى بوفرة مالية هائلة، فمع الاقبال العالمي على النفط والمردود المالي الهائل الذي توفره الصادرات النفطية وعلى اثر انخفاض قيمة الدولار عام 1971 و 1973، ارتفعت قيمة الدينار العراقي الى ما يعادل 3.3778 دولار للدينار الواحد. 
وكان العراق بلدا زراعيا منتجا ومصدرا لمواد اولية صناعية كثيرة، حتى ان الفائض المالي في خزينة البنك المركزي تلك الفترة بلغ مستويات قياسية كبيرة بالنسبة لبلدان اخرى اكبر من العراق في المساحة وعدد السكان، لكن التخطيط لمستقبل الاجيال المقبلة لم يكن في حسبان من تولوا ادارة الدولة منذ تاسيسها، ومع مامر به العراق من ويلات الحروب العبثية المستمرة تبددت مئات مليارات الدولارات على اللاشيء، ورغم التجارب القاسية التي مر بها  العراق، لم تتعظ الحكومات السابقة واللاحقة من تلك الظروف او الاستفادة من تجارب دول اخرى استغلت ايام الرخاء لمواجهة عجاف السنين، التي بدت معالمها تواجه الدولة العراقية في مستقبل مجهول لاجيال لم يخطط لهم الاسلاف، ولم يكترثوا لما سيؤول اليه مصيرهم، في العام 1976 انشأت دولة الكويت (صندوق الاجيال) من خلال توفير مبالغ مالية من عوائد النفط  يبلغ رصيد الاصـول فيه  حاليا 600 مليار دولار، يكاد يكون رقما خياليا بالنسبة لدولة مثل الكويت في حجمها وعدد سكانها، لكنها استثمرت اموالها افضل استثمار يغنيها عن تقلبات اقتصاد العالم، فسعر صرف كل دينار كويتي حاليا يساوي  3.3218 دولار اميركي، ويكاد يكون اعلى سعر صرف عملة عربية مقابل الدولار، ولان ظروف العراق مختلفة عن باقي دول عربية كثيرة في تلك الفترة الزمنية وكعذر مشروع نحاول ان نقنع به انفسنا والاخرين، فالاجدى ان نفكر حاليا بمثل هذا المشروع، المفوضية العليا لحقوق الانسان في الـعـراق اقترحت إنـشـاء صـنـدوق (الاجــيــال) لمواجهة ازمات الفقر في البلاد اسوة بدول كـثـيـرة انشئت هذا الصندوق قـبـل عــقــود، لاسـيـمـا النفطية منها وبهدف تنمية وضــمــان حــقــوق الاجــيــال المـقـبـلـة فــي حـال حاجتها لمبالغ قد لا تكون تحت تصرفها، او في حال نفاد ثروة النفط او الغاز لديها.وكحـل امـثـل لمـعـالـجـة نسب الـفـقـر والـبـطـالـة، وكـدولـة عراقية لديها الـتـزام قـانـونـي بكفالة الافـراد وتأمين حقوق الاجيال المقبلة، ومع ارتفاع اسعار النفط والمدخولات مــن الامــــوال، لا بــد من انشاء حساب مصرفي في صندوق الاجيال، تحسبا لما هو قادم، خصوصا مع استمرار تفاقم الازمات في جميع مفاصل الحياة  للمواطن العراقي.