ممكنات السرد الارتدادي في رواية نساء

ثقافة 2021/08/12
...

 محمد يونس
 
 شكل محور رواية نساء السردي الدائري نشاط خمس نساء، هناك اربع جذبتهن الشخصية المحورية، وحسب تصريحها لعبت زهراء الدور المهم في تأهيل وحدة الاشتراك بين النساء، وخمس نساء يعني حسب التفسير لوحدة السرد وجود خمسة ابعاد سردية، وكل بعد يمثل وحدة صوتية من جهة ويمثل وحدة خطاب بشري من جهة اخرى. 
وهنا مناسيب الوحدات السردية تتعدد بمستويات منها ما يمثل ذوات الشخوص في نشاطهم البشري بأفعالهم السردية، وافعال الكلام ايضا، وكذلك يعكس مشاعر واحاسيس الشخصيات في نشاطها العام والخاص، واحيانا يلعب الوصف الدور الداعم لنظام الوحدات السردية، ويوجد ما يقوم بدور كفاءة نوعية في مجاله وهو السرد الارتدادي. 
والسرد الارتدادي ليس وحدة قائمة بذاتها، بل تكون هناك في الرواية مضامين في سبات نسبي، وعبر ارتداد السردي تتمكن تلك المضامين، من تنشيطها واعادة الروح فيها من جديد، و من الطبيعي يحتاج النشاط السردي الخماسي الى كسب مضامين جديد ليتوسع افق الأساس. 
ومهمة السرد في ارتداده تتمثل في احياء افكار متعددة الوجوه، والتناغم مع النشاط الفني المتعدد الابعاد والمختلف واقعيا ونفسيا، وتشكل ايضا وحدات ارتداد السرد موجهات للمعاني التي تخالف الافق العام للمعنى، وذلك احد اهم الموارد السردية الحساسة نفسيا وجماليا.
قدمت لنا إلهام عبد الكريم درسا بليغا في رواية -نساء- إذ تلاعبت بتلك الانية بيسر، وابدلت النظام العام المعتاد تداوله سردا بالتنازل التعاقبي، وقدمت عبد الكريم البعد الزمني بصيغ حرة وليس حسب التدرج الالي المعهود، فبدأت من ضفة لازمة للفن وتصاعد ايقاع الرواية فنيا في تنصيص لوجود ميزة زمنية لديه تدعم منظومة السرد، وهي صعوبة لم شمل النساء عبر هذا التشظي الزمني للمنصوصات العديدة، وقد لمسنا وجود توازٍ بين الافكار الخلاقة وبين الافكار العضوية لشخوص
 النساء. 
وقد قامت المؤلفة بالتنصيص، إذ أبعدت المعلوم بنسب وابدالها بالمجهول الفني الخلاق، وهذا التفكير الواعي يسترعي ويشعر أن جذب الخيال الادبي اكثر جدوى من المخيال الاجتماعي، وتلك الفكرة الناضجة فنيا في تقديم رواية ما بعد الرواية نراها ليست سائدة من جهة التفريد كما هي تحيل الى منطق التفوق النوعي من جهة اخرى، والرواية قد قدمت مثالها الجمالي في فن التنصيص الروائي بجدارة.
قادتنا بتعدد العناوين الداخلية الى أن نقف على معنى نقدي في صيغة علاقة العتبة النصية الخارجية بالمتن في صيغ التحايث والتجاوز والتوازي والتعالق، والعتبة النصية الخارجية مرت بتعالق مباشر اشاريا زاد من ثقة البعد الاشهاري، لكن لم تكن الهوة التي حذر منها الجاحظ تراثيا وجان جانييت بوجه معاصر تكمن في العتبة الخارجية، بل في العتبات الداخلية التي فاقت الوصف والتفسير ايضا، وعلى مستوى ارتداد السرد قادتنا الى تحديثات مستمرة، فطبيعي تشكل كل عتبة مبتدأ نشاط سردي او تأهيل وصف ابتدائي جديد.
وقد نشطت الوحدات السردية المرتدة بشكل مستمر من خلال استمرار تدفق العتبات الداخلية، وذلك التداول السردي للعتبات بشكل متدفق ومستمر انعش وحدة السرد الاساس، وجعلها في تدفق متعدد من خلال تنوع النشاطات البشرية، وكلما انتهت عتبة عضويا جاءت عتبة بعدها جديدة، وهذا بدوره يجعل وحدة سرد تنتهي لتبدأ اخرى من جديد، وتلك صيغة في تفسيرها الموضوعي تعد وحدة تداول متعدد الابعاد نادرة في البنية الروائية، لكن أهلته بنية رواية – نساء – لإلهام عبد الكريم والصادرة من دار الشؤون الثقافية بجدارة ومقدرة فنية وبتماسك ايضا بتلازم محكم يمنع انفراط التداول، وكذلك بجدارة في الجانب
الموضوعي.