شوقي شمعون.. وتبتسم المدينة داتا لونيَّة كاملة «بيروت سكايز» في غاليري مارك هاشم

ثقافة 2021/08/14
...

 يقظان تقي
يحمل الى معرضه (ستاركو) وكما في معارضه السابقة، وكما يوحي العنوان أشياء جديدة ولديه تجريديته ولها حساسية التعمق في الالوان من ذلك السحر والقلق والعمق الشاعري والغموض، لكن مجازاته موحية بفرح الحياة، الحرية الدائمة، الرسم النظيف، رسم الواقع في حضوره التجريدي والافتراضي من خلال الالوان ببهجة الخلاص بالخروج من غرفة العزل التي تحاصرها النيران ومن المجتمع المغلق الى المجتمع المفتوح
لوحة صناعة رؤية، هي ثقافة الآخر، هي المدينة؟ أسئلة تحمل أجوبة الماضي، تملك ما خلفها، ما هو أمامها، ما وهو وراءها، وما هو فوقها. مع أن الموت واقف في الشارع، في الجسد، في النظام، وفي واجهة الاخطار، والايقاع يضرب اثرا ميدانيا للاعتداء اليومي، ولكن قابلا للترميم بمجرد النظر الى فوق، الى سماء عجلتون، وفي مستوى عيون بيروت المتلقية تراكم اماكن الكسر ومرآة اليأس الكبير. فيترك اللون الفرح انطباعا مرادفا في النظر الى الأعلى، مرادفا وموازيا للألم بالإحساس العميق، ولكن بطريقة شوقي شمعون الخاصة بعد انفجار مرفأ بيروت في 4 آب، واحتجاجات الشارع في 17 تشرين، وازمة جائحة كورونا، وأحداث تحت الضوء.. بالنظر الى الأعلى، وفي مكان الحدث الذي تحول سفر ألوان في منزلة الهروب من الاعتداء المتعمد على جسد المدينة. فإذا بالألوان تجذبك الى بحور، تخرج من الشاطئ. مشاهد ليس لها ابتداء مع اللون، ولا انتهاء. اللون هو الحياة، الزمن في هذا الوجود «التعيس»!.
مجموعة متسلسلة من الاعمال، بأحجام مختلفة ومتنوعة، بضوء الالوان، وبتقنية التأليف المتماسك.
شوقي شمعون مستمر في نمو لوحته وتجريديته وحساسيتها، والنتيجة سمفونية ألوان مشتركة تستدعي الفضاء الأعلى حيث الحس الجميل والايمان العفوي والاحساس بالحب في زمن كورونا في بنائية لونية تتطور الى امحاء الحدود، لمصلحة الكتلة اللونية نفسها.
ثمة ما يطمئن في التباعد الذي فرضته كورونا، الايقاع المتدفق نفسه، مرونة التأليف، جاز التلوين في معرض شبه متكامل.
صحيح أعمال شوقي شمعون سلسلة، ولكن تقرأها في كل مرة بلغة جديدة، دوما هناك لغة جديدة ومستمر فيها بلا زمن، يفجر المراحل ولا يقف فيها على مرحلة يؤسلبها.
 
لغتان عند
 شوقي شمعون:
- اللغة التجريدية التي تساوي قوة اللون والسيطرة على التأليف.
- اللوحة الكائن الاجتماعي المستقل، فاللون هو المساحة، وهو الفراغ وما وراء الفراغ المديني. واللون له قيمة غريزية، حساسية، وتحل لغة اللون محل أي لغة مفاهيم أخرى. لوحة غير محدودة، هي الفراغ المليء بالإيمان.
شمعون متأثرا بالتجربة الاميركية الحديثة وببعض الاوروبيين الذين عمدوا الى تقديم لوحات زرقاء، صفراء، حمراء، زرقاء.. حتى من دون ناس. كأن اللوحات عذراء، لم يمسها شيء من قبل، ولا جسد. كأنه يعود الى سفر التكوين، ابتكاره هو السفر من افق الى افق ومن لون الى اخر، والخطيئة هي الانسان في الاسفل. كأن الانسان تحت ضائع، مشتت، عاجز أمام عظمة هذا التكوين الجديد، الملكوت الجديد، اللوحة البكر.
التصويري يتبع التجريدي وليس العكس، الانسان اللازمان يحدق في لا زمانية اللوحة، والالوان في دلالاتها المفتوحة والغامضة تخدم هذا التمايز الداخلي داخل اللوحة.
تجربة شوقي شمعون مستمرة، خطيرة لجديتها، وجدّتها. قيمة فنية مبنية بالعمق، تذهب الى افكار جديدة، لوحة طليعية في تنوعها وفي فرادتها. وهو يعود من مرحلة ليذهب في مرحلة، يرسم لبنان المستقبل. الحضور غير الصدامي للفن في واجهة الاخطار.
تأليفات بأحجام ضخمة إذا نظر اليها المشاهد يمكن ان يلحظ تحت الغطاء البسيط بأشكاله وألوانه كيف ان شوقي شمعون لا يتوقف عن جذب نظرات. كل لون في مكانه، في النظام الظاهر لبناءاته تحد الأوراق المصغرة كولاج السطوح التي توسع الأحجام المكونة لعالم لون، لا شيء كاملا في الحقيقة مقابل سلطة الألوان.
أعمال تغامر على ارض واسعة من التصوير او التجريد.
الأحجام لا تتواجه بل تتحاور. بلا جدران تتحاور.
 سيرة ذاتية: ولد شوقي شمعون في سارين في وادي البقاع في لبنان، بعد التحاقه بالمدارس الليلية للفن والتصميم التحق بمعهد الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية في بيروت في خريف عام 1968 وهو في سن السادسة والعشرين، كما حصل على دبلوم الدراسات العليا في الرسم في عام 1972  وذهب لدراسة الفن في جامعات الولايات المتحدة، وفي عام 1975 حصل على درجة الماجستير في الفنون الجميلة من جامعة سيراكيوز بنيويوك، ومن عام 1975 وحتى عام 1979 كان شوقي زميلًا متفرغًا في برنامج الدكتوراه في جامعة نيويورك حيث ركز على علم الجماليات والاستوديو. في عام 2013 نشر شوقي كتاب "فن وحياة شوقي شمعون" الكتاب عبارة عن سيرة ذاتية فنية تضم أكثر من 300 رسم توضيحي لأعماله، فضلا عن قصص وملاحظات حول الفن والعملية الإبداعية، كان الكتاب واحدًا من سلسلة تدور حول الفنانين اللبنانيين مثل النحات حسين ماضي والرسام ومصمم المطبوعات محمد الرواس. أقيم معرض كبير لأعماله في عام 2013 في مركز بيروت للمعارض.