كورونا ليست وصمة

آراء 2021/08/14
...

 يحيى حسين زامل
 
هناك الكثير العادات والتقاليد المترسخة في أفكار وسلوكيات أبناء المجتمع، التي يتوارثها الأبناء عن الآباء والأجداد، مثل التفاؤل أو التشاؤم والتطير من بعض العلامات والدلالات الغيبية، أو الخوف من الحسد أو العين، لذلك فهم يخفون الكثير من الأشياء والاعمال أو الأمراض خوفاً من الوصمة الاجتماعية أو الضرر أو التنافس أو حتى النفس... إلى آخر الأسباب والاعتقادات المتمثلة في السلوكيات التي أكثرها لا تقوم على دليل علمي ناهض، إلا لكونها اعتقادات غيبية أو إيمانات شعبية يتداولها أفراد المجتمع في ما بينهم وأصبحت سلوكاً مترسخاً في الذهنية الشعبية والاجتماعية وحتى
 النفسية. 
 وفي مثل هذه الأيام وبعد انتشار وباء كورونا الخطير أخفى الكثير من الناس اصابتهم بهذا الوباء اللعين، خوفاً من وصمهم بهذا الوباء، والوصمة في نظر الكثيرين من أبناء المجتمع تعد عاراً أو فضيحة تلحق بمن أصابته، وكان الناس في العقود السابقة إذا أصابتهم بعض الحوادث الواصمة يغادرون مناطقهم، وينتقلون إلى أماكن أخرى لا يعرفهم فيها أحد، خوفاً من هذه الوصمة التي ستلصق بهم إلى أبد الدهر، لذلك يروي عالم الاجتماع «الوردي» أن أحد الأشخاص قتل نفسه لأنه أحدث صوتاً في ديوان العشيرة، ففضل قتل نفسه على أن يُعيّر هو وولده وتصبح تاريخاً 
للأسرة. 
 وهذا الإخفاء – الإصابة بكورونا- من أحد الأسباب التي أسهمت في نشر هذا الوباء بين الناس، وبذلك نشهد أن ثقافة المجتمع تعد عاملاً كبيراً في تزايد أو تناقص الأمراض والأوبئة على مر الزمان، ومع أن التعاليم الدينية الصحيحة ترى أنه «لا شماته في الموت أو المرض» ولكننا نشهد الكثير من وقائع الإخفاء ولكثير من الحالات، التي ترجع إلى التقاليد المخترعة من الناس، والتي يجادلون بأنها متوارثة ومجربة من الأسلاف، وهذا يسري حتى على المتعلمين أو المثقفين في المجتمع.
 لذلك يجب خلق بيئة وثقافة جديدة نحو هذه الظواهر الاجتماعية والصحية والوبائية، من خلال التوعية الاجتماعية والصحية، من قبل المتخصصين في المؤسسات الداعمة للوعي الصحي، وخلق نوع من التثقيف الصحي بواسطة الوسائل والأدوات الإعلامية، لا سيّما وسائل التواصل الاجتماعي لكونها الأكثر شهرة، والأكثر استعمالاً بين أفراد
 المجتمع.