دور المنظمات غير الحكوميَّة في العمليَّة الانتخابيَّة

آراء 2021/08/14
...

 د. اركان كيلان
 
يعدّ الشعب محور مفهوم الديمقراطية حتى عبر عنها بالديمقراطية الشعبية، تدليلاً على ارادة أفراد الشعب في اختيار الحكام والمسؤولين، ثم تعمق المفهوم واعتمدت آليات لتطبيقه، واصبحت له مضامين سياسية واقتصادية واجتماعية، خاصة مع تعاقب التجارب السياسية والقانونية في حكم الدول، لتصبح الديمقراطية قيمه عليا، وشكلا من اشكال الحكم، ووسيلة لمعارضة الاستبداد، وطريقة لفهم الحياة، وشعورا من خلاله يحس كل فرد بأن لدية الفرصة بالمشاركة المناسبة في صياغة كل ما تمس مجالات حياته، وصارت عاملاً اساسياً لتحديد العلاقات بين الحاكم والمحكوم أي بين السلطة والشعب.
الاسلاميون حددوا موقفهم من الديمقراطية في ضوء فهمهم لها، فهناك من عدها موجودة في الاسلام وثمة ديمقراطية اسلامية أساسها «الشورى» بصرف النظر عن الاختلاف في تفسير وطرق تطبيقها، وانها لا تتعارض مع الاسلام بل يرى بعضهم أن الاسلام سبق الغرب في الوصول الى ادراك أهمية الديمقراطية في الحكم والسياسة، بينما يسعى آخرون لايجاد نقاط مشتركة بين الاسلام والديمقراطية عبر استخدام مناهج متعددة مثل القياس، أو الرأي، أو الاستصحاب وغيرها وضمن محاولات التجديد والاصلاح الاسلامي، بينما هناك آخرون وجدوا في الديمقراطية مفهوما متناقضاً مع الشورى كونهما ينتميان الى بنيتين مختلفتين ولهما عناصر ومكونات وجزئيات مختلفة ومتباينة، وكل واحدة منهما تنتمي الى صيرورة وظروف تاريخية واجتماعية مختلفة، بل ان البعض عدَّ الديمقراطية مذهبا ونظاما سياسياً موازياً ومخالفاً وبديلاً عن الاسلام.
ايا كان الشكل الذي تتخذه الديمقراطية من اشكال الحكم، فأن الاحزاب السياسية عنصر من عناصر النظام الديمقراطي ومؤسسة من مؤسساته، لا يمكن تصور قيام هذا النظام وادائه لمهماته المقصودة على وجه صحيح من، غير ان تضطلع الاحزاب السياسية بوظيفتها كاملة على الوجه الذي استقرت عليه الانظمة الديمقراطية في الحياة المعاصرة. 
كما ان لا ديمقراطية حقيقية بلا تداولية اي تداول للسلطة بطريقة سلمية ولا تداولية من دون تعددية حزبية، اذ كيف يحصل التداول اذا لم تكن هناك احزاب سياسية تتنافس في ما بينها للوصول الى سدة الحكم وتتداول السلطة عبر الانتخابات.
والانتخابات احدى الوسائل الرئيسة للديمقراطية، واهم عنصر من عناصر الانتخابات هو الفرد، لذلك يجب التركيز على هذا العنصر الفعال لتحقيق انتخابات حرة ونزيهة ولضمان ذلك يجب أن تتوفر جملة من المعايير وهي: 
1 - حق الاقتراع العام.
2 -تسجيل الناخبين بشفافية وحياد.
3 - الحياد السياسي للقائمين على الانتخابات.
4 - قانون انتخابي عادل وفعال.
5 - دورية الانتخابات وضمان الانتقال السلمي للسلطة.
أسهمت وسعت المنظمات غير الحكومية في العراق على تحقيق هذة المعايير من خلال ما يلي: 
1 - اقامة الورش التدريبية للحث على المشاركة في الانتخابات لضمان الاعتراف الدولي بالنتائج المتحققة.
2 - عملت المنظمات غير الحكومية على مراقبة تحديث سجل الناخبين وتوعية المواطنين على تحديث بياناتهم من خلال الجولات الميدانية.
3 - المساهمة في مراقبة سير عملية الاقتراع من خلال اعتمادهم من قبل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات كمراقبيين محليين لضمان الشفافية والحياد.
4 - المساهمة في صياغة قانون الانتخابات من خلال جماعات الضغط واللقاءات مع اللجان المختصة في مجلس النواب.
5 - انشاء شبكات متخصصة لمراقبة الانتخابات.
6 - تمويل حملات التوعية لزيادة المشاركة بالانتخابات من خلال المنشورات والمطبوعات واستخدام وسائل التواصل الاجتماعية.
7 - عمل استبيانات ودراسات لرفد الحكومة بالنتائج والحلول.
عين الجميع على الانتخابات المبكرة في العاشر من تشرين الاول 2021 ، هذا الشهر نفسه التي خرجت به الجماهير تطالب بالاصلاح وساندتها المرجعية الحكمية في النجف الاشرف، لتكون اذن على قدر المسؤولية الوطنية وتشارك في التغيير نحو عراق حر وقوي بإرادة شعبه.
باحث في شؤون المجتمع المدني العراقي