الأشجار تحلّق عميقاً

ثقافة 2021/08/16
...

  بغداد: الصباح
 
صدرت حديثا مجموعة شعرية بعنوان (الأشجار تحلّق عميقاً) للشاعر د.سعد ياسين يوسف، وضمت اثنين وثلاثين نصّاً كرسها الشاعر لفكرته حول استلهام الشَّجرة بوصفها رمزاً لنصوصّه، كما تشي بذلك مقدمة المجموعة التي أورد فيها مقولة ابن عربي (إنّي نظرتُ إلى الكونِ وتكوينهِ، وإلى المكنونِ وتكوينهِ، فرأيتُ الكونَ شجرة).
تناولت موضوعات المجموعة الصَّادرة عن دار أمل الجديدة في دمشق همّ الإنسان العراقي وتطلعه للحياة الحرة الكريمة إنطلاقاً من حضارته والقيم السَّماويّة والإنسانيّة التي آمن بها، ومواجهته للصعوبات والحروب والظّروف الحياتية القاهرة التي أثقلت كاهله.
كما تضمنت موضوعاتها رؤية الشَّاعر الفلسفيّة إزاء الأسئلة الكونيّة التي تواجهه ومنها الحياة والموت والحبّ والفراق والغربة والنّشوء، معتمدا الصّور الفنية في بناء نصوصهِ والمفارقة والإدهاش، بينما تؤكد عنونة المجموعة على ضرورة أن يعمّق الإنسان جذوره في الأرض ليحلّق في فضاءات العطاء الإنساني، فلا تحليق بلا ترصين الرّوح والقيم النّبيلة.
وضم الغلاف الثاني للمجموعة كلمة للناقد العراقي فاضل ثامر جاء فيها: (إنَّ الشّاعر سعد ياسين يوسف تألق في قصيدة النثر ببنيات مهمة، أهم من الرّمز الّذي انشغل فيه النقاد رغم أن الرّمز الذي اعتمده الشّاعر كان مصدراً لتأويلات متعددة، وأن الأشجار عند الشّاعر سعد ياسين يوسف هيَ (الطوطم). ومن خلال انتماء الشّاعر لفضاء الطبيعة وأنسنتها استطاع أن يخلق منها كياناً إنسانيا لتصبح رمزاً و (آخراً) حينما يقيم حواراً مع افتراضي آخر هو الشَّجرة الذي قد يكون قرينا له أو الوجه الآخر. إنَّ رمز الشَّجرة وفي لحظة ما يتحوّل لدى الشّاعر إلى قناع، بوجود مجال لاشتغالات نقديّة كثيرة في بنية الصّورة والاستعارة في شعر سعد ياسين يوسف ولاسيّما أنه يتجه إلى القصيدة الرّعوية امتداداً للشاعر (عيسى حسن الياسري)، لكنَّ يوسف ينفتح على فضاءات حداثويّة وفق ثنائيّة الطبيعة بما فيها من الجمال، والثقافة بما فيها من القوة، حيث رمز الشجرة التي تنتمي إلى قطب الطبيعة في مواجهة الوجه الآخر المتمثل بالإمحاء واستلاب الرونق الطبيعي للحياة والإنسان.
 إن تجربة الشّاعر سعد ياسين يوسف تجربة غنيّة تندرج في ضمن المتن الثقافيّ لما حظيت به من تكريم وجوائز عالميّة وتتطلب قراءة جادة.
 يذكر أن ست مجموعات كانت قد صدرت للشاعر سعد ياسين يوسف هي على التوالي: قصائد حب للأميرة كاف، شجر بعمر الأرض، شجر الأنبياء، أشجار خريف موحش، الأشجار لا تغادر أعشاشها، أشجار لاهثة في العراء، وتم الاحتفاء بها عراقيا 
وعربيا.