ختام القصيدة بالمطلع

ثقافة 2021/08/16
...

د. حسين القاصد
 
عنوان مقالي لهذا اليوم، ذهب مثلاً وسار حكمةً من دون إدراك ووعي بماذا يريد محمد مهدي الجواهري، وماذا تريد قوانين اللغة التي هي أكبر منه ومن غيره. 
الجواهري الخالد لم يقل (في المطلع) كي يحدد البيت 
الذي يختم قصيدته؛ وقد تقول لي: إن الباء تعطي معنى حرف الجر (في) بتوافق تام أحيانا، فأقول: نعم، أتفق تماماً. 
لكن تعال معي لنقرأ عينية الجواهري وهي واحدة من عيون شعره بإيقاعها المتوتر المتصاعد المحتدم؛ و لم تكن بصدد حكمة ساذجة صارت تجري على الألسن، إذ كلما راق لشخصٍ ما، مطلع قصيدةٍ ما، قال: (ختام القصيدة بالمطلع) ليظن أنه مدح القصيدة؛ وفي الحقيقة إنه شطب القصيدة كلها واعتز بالمطلع! 
الأمر جرى مجرى الحكمة والمثل الشائع، ولم يلتفت من تبناه واعتمده إلى الفتحة الظاهرة على كلمة (ختامَ) وما سبب نصبها؟ 
 لقد كانت قصيدة «آمنت بالحسين» التي خُط بعض من ابياتها بماء الذهب على ضريح الحسين العظيم، كانت هذه القصيدة بيانا للموقف الحر غير المسلوب بنسق مضمر أو حيلة ثقافية، فكانت نشيدا هادرا، وقصيدة ثورية، محتشدة بالحماس، وإذا خرجنا من النقد الثقافي ووقفنا وقفة أسلوبية عند بيت واحد من عينية الجواهري، نجد إضافة أسلوبية هي الأروع والأجمل، فهو يقول: 
ويا واصِلاً مِن نشيدِ «الخُلودِ»، خِتامَ القصيدةِ بالمطلع. 
يَسيرُ الورى بركاب الزمانِ، مِن مستقيمٍ ومن اظلع.
وأنتَ تُسيِّرُ ركْبَ الخلـــــــــــود، ما تسـتَجِدّ له يَتْبَع.
وأغلب قرّاء هذه القصيدة يصفقون لمعنى ساذج هو (أن القصيدة تنتهي بالمطلع) لكن إبداع الجواهري في إعمال اسم الفاعل (واصلا) لينصب (ختامَ) ليكون المعنى أنّ الحسين وصل ختام القصيدة والجواهري مازال في المطلع!! لنعد صياغة البيت بعد حذف (من نشيد الخلود): 
أيا واصلا ختامَ القصيدة بالمطلع، يامن وصلت ختام القصيدة بالمطلع، ماعساني أقول؟ ذلك هو الجواهري في عينيته؛ أما أنا فقد وصلت ختام المقال المحدد بعدد الكلمات المتفق عليها، عسى أن يمتد إلى بحث يليق بهذا الموضوع في المستقبل القريب.