مشروعية الثورة الحسينية وقدسية الثائر

آراء 2021/08/20
...

  اياد مهدي عباس 
 كثيرة هي الثورات في التاريخ التي نادت برفض الظلم والوقوف بوجه الظالمين والخلاص من حالات الاستبداد والاستعباد للانسان، والتي ذكرتها كتب التاريخ المختلفة وكثيرة هي التضحيات التي قدمها الثائرون في سبيل الوقوف بوجه الظلم على اختلاف صوره واشكاله.
 
لكن ما وجدناه في كتب التاريخ عن ثورة الامام الحسين شيئا مختلفا تماما عن جميع ما ذكرته كتب التأريخ لنا وان من اوجه الاختلاف والتمايز فيها عمن سواها من الثورات هو قدسية الثائر ومشروعية الثورة ووضوح الهدف. فالثائر هو امتداد لرسالة السماء وهو ابنها البار، الذي نشأ وتربى في حضن الرسالة حيث رعاية جده خاتم الانبياء والمرسلين فرضع من نبعها الصافي وانتهج نهجها القويم. لذا اهتمت السماء به ايما اهتماماً فكان مشروعها الاصلاحي للمستقبل لذا ذكرت السماء تفاصيل ثورته قبل استشهاده بأكثر من خمسين عاما. فكانت المشيئة الإلهية قد حددت الزمان والمكان والتربة التي سوف يقتل فيها هو واهل بيته واصحابه الكرام، حينما اخبر وحي السماء جده النبي بذلك ثم قام النبي بأخبار اصحابه عن تلك الملحمة الخالدة، كي يكونوا شهوداً على مشروعية ثورته الاصلاحية كما هو ثابت في كتب التاريخ نقلا عن ام المؤمنين ام سلمى زوج النبي «ص» وهذا ما لم يحصل مع اي شخص اخر في التأريخ. 
اما مشروعية الثورة فكيف لا وهي ثورة ضد الفساد والالحاد ضد حكم الطاغية يزيد بن معاوية ونهج بنو امية المخالف لشريعة جده المصطفي، فكانت هذه الثورة محاولة اصلاح لما افسده الفاسدون وامر بالمعروف والنهي عن المنكر.
 وان اكثر ما يميز ثورة الامام الحسين هي مظاهر البطولة النادرة والسمو الانساني الكبير ونبل القصد والهدف من وراء نهضته. وهو يعلم ان ما يقوم به من عمل فيه قتله وقتل اهل بيته واصحابه في كربلاء. وان من معه من الاطفال والنساء سوف يكونون سبايا واسرى بيد الظالمين. 
 فكان لا بد من استشهاده عليه السلام كي يوقظ الامة الاسلامية من سباتها العميق ولا بد له من تعرية السلطة الامية وفضح نهجها الضال والدفاع عن دين جده، وافشال المشروع الاموي واعادة الامة الاسلامية لمسارها الصحيح واحياء مجدها السالف. 
فقد جسد الإمام الحسين المبدئية القصوى في طلب الاصلاح من خلال بذل الغالي والنفيس والتضحية بالمال والبنون من اجل الوقوف بوجة الفساد والظلم مهما كانت قوته وسطوته. لذلك كانت ثورته في ما بعد نبراسا لكل الشعوب الثائرة والمطالبة بالاصلاح وصوتا مدويا يصك اسماع الطغاة والفاسدين في كل عصر، لذا كان سر خلود هذه الثورة هو رسوخ المبادئ الحسينية في نفوس المظلومين في كل امة وفي كل حين من الزمان.
فكان عليه السلام يعلم علم اليقين ان التكليف الذي انيط به هو تكليف الهي وجزء لا يتجزأ من منهج الانبياء في الاصلاح والتغير وامتداد لرسالة جده الخاتم في الوقوف بوجه الكفر والانحراف، فكان موقفه هو ترجمة عملية لحديث جده المصطفي.«حسين مني وانا من حسين».