الحسين (ع).. منهاج تغيير

آراء 2021/08/20
...

 صالح لفتة 
 
نهض الحسين خاطباً بالناس على رؤوس الأشهاد، «ألا ترون إلى الحق لا يعمل به، والى الباطل لا يتناهى عنه»، ولخص حال الناس في ذلك الوقت من اختلال الموازين. إذ ساد الظلم وتضاءل الإنصاف وضاعت الحقوق وانشغل كل إنسان 
بنفسه. 
لكن كلمات الإمام لا يمكن أن تحدث أي تغيير بل ستضيع في خضم الضجيج المثار حوله، فالوقت ليس وقت نصائح ولا مواعظ. فالكلام والنصح رغم أهميته قد أصبح لا يجدي 
نفعاً. 
إذ تجبر الباطل وماتت الأمة ولا أمل بأحيائها دون صدمة شديدة تزلزل كيانها وتعيدها لجادة الصواب. 
الحسين كان يعرف الحاجة للتغيير ويفهم المنهج الصحيح للعلاج. فكان لزاماً أن تكون هناك شخصية لها وزنها وتاثيرها تطالب بالعودة إلى روح الإسلام يعرفها القاصي والداني بتطابق أقوالها وأفعالها. شخصية تُجرئ الناس على قول الحق و يتخذونها قدوة. 
ومن غير ابي عبدالله الحسين تنطبق عليه تلك الصفات المطلوبة لقيادة مسيرة التغيير. وليكون الحدث أشد وقعا وأعظم تأثيراً بالنفوس سار بتلك الجماعة القليلة، مصطحباً معه أهل بيته من أطفال ونساء وهو يعرف مصيرة بتمزق جسده في صحراء كربلاء كما قال في خطبته عندما عزم الخروج إلى العراق. 
«وخير لي مصرع أنا لاقيه، كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء». فخطى الإمام الحسين الخطوة الأولى الأكبر للتغيير وبدأ بنفسه ليكون أنموذجاً يحتذى به ولم يتكل على الاخرين، فالفاجعة التي أحدثها في الأمة جراء استشهاده فتحت العقول والقلوب والعيون واجبرت كل فرد في الأمة سمع بواقعة كربلاء أن يعيد التفكير 
بخنوعه.
 وفعلاً كانت ثورة الحسين هي البداية وفتحت الباب بعدها لثورات كثيرة مطالبة بالإصلاح في جسد الأمة وكيانها، ابتداءاً بالمطالبة بتغير الولاة وتوزيع الثروات وانتهاء برأس الدولة نفسها والمطالبة 
بخلعه. وأيقظت الأمة من سباتها وازيلت الذرائع التي يتبجح بها المظلومون بقلة الناصر أو الخوف من الموت أو حرمة الخروج على الحاكم. فلا عذر بعد يوم الحسين لأي شخص يهادن الباطل بل على كل إنسان أن يتخذ شعار الحسين هيهات منا الذلة في كل حياته وأن يتأسى بالحسين ويترك الخوف 
جانباً. 
وأن يقدم التضحيات لتترسخ لدى الأمة فكرة المطالبة بالحقوق مهما كان الثمن. إن دروس ثورة الإمام الحسين تحتاجها كل أمه تعاني من الظلم والفساد والغبن في توزيع الحقوق وتضع مسؤولية على كل فرد الوحدة البنائية للمجتمع، بعدم السكوت عن الظلم وعدم انتظار تحرك الآخرين للمطالبة 
بالإصلاح.