قصة التحديث في العراق

ثقافة 2021/08/22
...

  يوسف محسن 
 
قصة التحديث في العراق قصة مربكة لم تتم كتابتها حتى الان بشكل مفصل، وبتصوري تعد هذه المسألة جهدا وطنيا يسهم في بناء الهوية الوطنية العراقية، هذا المشروع تتشارك فيه المؤسسات الاكاديمية والمؤسسات الثقافية ورجال التاريخ والسياسة والاجتماع والفلسفة، لطرح السؤال الجوهري عن مدى تأثير الافكار الجديدة التي استنبتت في العراق خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر 
كما يقول سيار الجميل، بفضل وسائل الاتصالات الحديثة وحلقات التواصل مع العالم الخارجي وبعثات الآثاريين الاريكولوجيين الاوروبيين وتأثير القناصل والشركات التجارية والمدارس الجديدة في ابرز مدن العراق. فضلاً عن مدى اندماج النخب العراقية آنذاك بحراك الافكار العالمي وتأثيرات المكتشفات العلمية والفلسفية والنظريات الغربية والموجات الادبية والاجناس الجديدة في الكتابة، تقول فاطمة المحسن في كتابها (تمثلات الحداثة في العراق) الذي يعد احد المصادر المهمة في دراسة تلك المرحلة المبكرة من التاريخ، فقد
(شهد العراق نهاية القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، ظهور حركات الحداثة في الادب والعمارة والاصلاح الديني والسياسي وعمليات تحديث المدن، رغم ان هذا المشروع (مشروع الحداثة) لم يتشكل كظاهرة مكتملة وإنما بقي عبارة عن خبرات شخصية وتصورات ومقولات وافراد واجتهادات اكثر ما هو عمل جماعي متصل وفي سيرورة دائمية وكان ابرز رجالاته (محمود احمد السيد، محمد شكري الالوسي، الاب انستاس ماري الكرملي الذي كان عراب النهضة العراقية، تلك النهضة المتطلعة الى الغرب والمتجذرة في التراث وهبة الدين الشهرستاني الذي يمثل الأنموذج الفاعل الثقافي في البيئات الدينية والزهاوي ومعروف الرصافي
وحسين الرحال...).
وطرح سلسلةمن الاسئلة لفتح افق الكتابة، هل كانت نهضة عراقية فعلا بالقياس الى النهضة العربية والنهضة الاوربية مثلا؟، وكيف تتم دراسة هذه المشاريع التحديثية بالتزامن مع تشكيل الدولة العراقية وعبر نمو المؤسسات والبنى التحتية المادية والعلاقات الاجتماعية وعلاقات
الانتاج الاجتماعي؟.
هل النهضة العراقية في الاصلاح والتجديد استطاعت ان تكرس قيم التسامح والتنوع والاختلاف من خلال انتاج فهم جديد للمعيش الاجتماعية العراقية؟ وهل استطاعت تمثيلات النهضة انتاج فلسفة سياسية تتبنى الحرية مبدأ لها وترفض الاستبداد السياسي؟، وهل اكدت هذه التمثيلات التحديثية على الحقوق الطبيعية للإنسان الفرد؟، وهل استطاعت جماعات وافراد التحديث في العراق ان تعالج المجال السياسي للدولة والمجتمع والثقافة، ام انها بقيت في مجال الشعرية والتراث؟، وما مدى تأثير العامل السياسي والطبقي في افكار عصر التحديث العراقية؟.