صراع الجغرافية والتاريخ في أفغانستان

آراء 2021/08/24
...

  سعد العبيدي
 
تحتل أفغانستان موقعاً مهماً، إذ تربط جغرافيتها شرق وغرب وجنوب ووسط آسيا في منطقة صراع ثقافي، بيئي، وسياسي إذ تحاددها الصين بمشكلاتها مع المسلمين الاويغور، وحثها الخطى السريعة للتطور وأخذ موقعاً أكثر سعة في نادي الكبار. وتجاورها باكستان الدولة الإسلامية النووية، التي تسعى الى الاستمرار في إدامة توازنها الصعب مع الهند التي لم يهدأ الصراع الديني بين مواطنيها الهندوس وبين المسلمين. وإيران الدولة الإسلامية الساعية الى الانضمام الى الكبار في ناديهم النووي، وليست بعيدة عن روسيا الاتحادية السائرة في طريق التمدد بالشرق الأوسط وهي ما زالت تتحسس التشدد الإسلامي في بعض جمهورياتها (الشيشان)، وتخشى الجوار الإسلامي لها المحاذي الى أفغانستان، الذي كان الى حد قريب تابع لها (طاجكستان، تركمانستان، وأوزبكستان). 
ان هذا الموقع الذي وضعه التاريخ حاجز بين الامبراطوريات القديمة وطوره التصارع الأممي قبل الحرب العالمية الأولى وما بعدها، جعل أفغانستان جغرافية سياسية ذات أهمية لعموم الدول الكبرى صاحبة الشأن في إدارة النظام الدولي من جهة وبؤرة اضطراب، قريبة من بؤر أخرى (العراق – سوريا – فلسطين) يتوافق وجودها زمنياً مع مساعي التحول الى نظام دولي جديد والى جهود تكوين شرق أوسط جديد من جهة أخرى. الا انه ومع كل هذه التطورات الجيوسياسية فأهمية الجغرافية الأفغانية ليست جديدة زمانياً، إذ وضعتها بريطانيا ضمن دائرة الاهتمام والنفوذ لمّا كانت امبراطورية لا تغيب عنها الشمس وخلال تقاسم النفوذ والتركات بعد الحرب العالمية الأولى، وجرب معها الاتحاد السوفيتي تواجداً مباشراً في عصر الشيوعية، واحتلها الأميركان لعشرين عاماً. 
الجديد في الشأن وصول طالبان الى السلطة بنسخة تقول عنها جديدة لتحكم في منطقة صراع معقد لم يثمر بأهلها التجديد الأميركي، الأمر الذي سيضعها في طريق تكثر فيه الألغام والعراقيل.