القاضي إياد محسن ضمد
تشترك قوانين الكسب غير المشروع مع قوانين مكافحة غسل الأموال، في أن المشرع في كلتا الحالتين يجرم امتلاك أو حيازة أو نقل أموال متحصلة من جريمة بغية منع المجرم من الاستفادة من العوائد المالية للجريمة. لكن قوانين الكسب غير المشروع تختلف عن قوانين مكافحة غسل الأموال في أنها لا تشترط كشف الجريمة الأصلية التي نتج عنها الكسب غير المشروع. حيث تلاحق اي مسؤول او موظف او مكلف بالافصاح عن ذمته المالية اذا حصل تضخم في تلك الذمة وهو عليه ان يثبت ان تلك الزيادة المالية التي كسبها كانت من مصادر مشروعة، كأن تكون قروضا مالية او ارثا عائليا او اي سبب اخر مشروع، اي أن عبء الإثبات يقع على عاتق من تحصل على الكسب غير المشروع وفي حال ثبوت وجود زيادة غير مشروعة، تتم مصادرتها من دون حاجة لإثبات الجريمة التي نتجت عنها تلك
الاموال.
أما قوانين مكافحة غسل الأموال فهي تلاحق المتحصلات المالية التي ترتبط بجريمة ما كجريمة الاتجار بالمخدرات او البشر او الأسلحة او الرشوة وعبء إثبات وقوع الجريمة ووجود صلة لتلك الجريمة بالأموال المتحصلة عنها، يقع على عاتق السلطات المختصة باجراء التحقيقات الجنائية، ولا يمكن حجز او مصادرة المتحصلات المالية من دون اثبات وجود الجريمة الاصلية التي نتجت عنها تلك
المتحصلات.
في العراق، فان قانون هيئة النزاهة والكسب غير المشروع رقم 30 لسنة 2019 رسم طرق واليات التحقق من مقدار الكسب غير المشروع والعقوبات التي تفرض عند ثبوت تحقق ذلك الكسب، اما قانون مكافحة غسل الاموال وتمويل الإرهاب رقم 39 لسنة 2015 فقد بين آليات تعقب متحصلات الجرائم وطرق حجزها، ومن ثم مصادرتها وتلك التشريعات تمثل نظاما قانونيا متقدما في مجال متابعة المتحصلات غير المشروعة، سواء تم كشف الجريمة الأصلية أم لم يتم كشفها، لكن تبقى المشكلة الأساسية في تطبيق تلك التشريعات بشكل جيد من خلال وجود مؤسسات قادرة على إثبات تلك المتحصلات الجرمية، ووجود نظام مصرفي يمنع اندماجها في الاقتصاد الوطني ويفوت على المجرمين فرصة الافادة،
وطالما لم تنجح الجهات التحقيقية والمصرفية في ضبط قدر عال من تلك المتحصلات، فان هناك اشكالية كبيرة تواجه تلك الجهات ويجب تضافر الجهود لحلها وتجاوزها. وليست هذه مشكلة العراق فقط، بل ان اغلب الدول تعاني أجهزة إنفاذ القانون فيها من تعقيدات كبيرة في طريق تعقب المتحصلات المالية غير المشروعة، التي جاءت نتيجة لكسب غير مشروع والتي جاءت نتيجة لجريمة معينة، إذ يستخدم غاسلو الاموال طرقا معقدة لإضفاء الصفة المشروعة على متحصلات جرائمهم، ومن ثم دمجها في الاقتصاد الوطني مما يجعل مهمة كشفها أكثر صعوبة وتعقيدا.