المسافر يحمل حقيبة الدم

ثقافة 2021/08/26
...

 أحمد رافع
 
هم لطخوا الباب بحناء المواقف 
وساروا بعيدا
كاليمام المرتحل عند الضحى
قد تأتيه زرقة البحر أو تجلبها مرايا الحجر
انعكاس الغريق ما أقساه
ألن يتنبأ الجرف بهذا الصياح
نبوءة واحدة
تلهمُ الفصول أن تتغير
ووحيدا المسافر يجلبُ الطريق
براحتيـه المرتجفتين خارج حدود المحطة
وأنا المسافر
متموج كريشٍ بفكيّ الريح
دم ودم ودم
قد سالوا من الأجفان نبوءة
أهي الدموع تمشي على الخدينِ
مثل فراشةٍ لا تأبهُ للسيف 
وانهمروا من الشرايين صاعقة تدور
وماء وماء وماء
عطاشى أتعصرُ الصخور سباتها يقظة
أو يكون للنهر أجنحة
كي يطير
ويخبئ بجوف الخرير دمعة وصياح 
عجل أيها الموت
وخذ يا تراب ما يسيلُ من السقوط 
أواه يا لحظتي المختنقة عند الضريــح
أتزفين يا رياح العبير
وتتركين الورود تحت دهمة الحوافر
عجل أيها الغيم
صوت وصوت وصوت
أهي العقيلة تتثنى بقرارها الأخير
قد انهدت من تحت لسانها الشمس
وطاحت من أصابعها الفصول
شتاء فالدموع تتجمد حين تطوي التوابيت
ربيع ما أحلاه، فالجسد مضيء
صيف تشتعل السيوف ولها للتقبيل 
خريف . . . من لأعشاش المسافات 
فالدمع له ناب
والدمُ المنهمر عصورا تسيل
والصرخة تورثها السنابل ليتممها الجنوب
آهٍ ما أكبره السؤال 
من لهذا الجسد الطريـح 
ما التراب المصلي والمستهام لقطرةِ الخِتام
أهو الحسين في البدايةِ بقاء
فالنهاية تمشي على محملِ الدماء
ما أشدها الحيرة
هل أغزلُ من دمعتي ليلة أخرى
لأعود مثل ديميتر
أنساح على الأطراف ما يقذفه المحار 
على بقايا الضفاف المريضة 
المسافر في الصحراء
ليس كالذي يترك شفاه التوسل للبئر 
من تحتهِ تتفجر الينابيع 
قالها الحمام هديلا: قد غاب ليعود
فالموت له أحجية
والحقيبة تنثر على الممرات صلاة الرجوع
أيتها الريـح، الداعرة، السارقة 
لا تطمري لحظتي المنكبة على المقاصل
أيها المطر، المغني، المسافر،
لا تهدل غيمتكَ
فالتراب لا زال يصلي ويسبح بالدماء 
أيها الليل، القصير، المضنى بالحرائق 
خفف ساعاتك
لا تعجل للفجر الرهيب 
أيها المسافر، المهدي، الزائر لمن سقا
أروي لحظتي المذبوحة في الخفاء 
قد تعثرت برداءِ القمر
ولن يستجيب الموت للعشب الحصيد