إصرارٌ على الإبداع

ثقافة 2021/08/26
...

 عزيز خيون
 
وجود الشعوب كل الشعوب على هذه الارض تعرض باستمرار ويتعرض لقانون المد والجزر، تأتي أزمان تنبني فيها تأتلق وتصعد وفي أزمان أخرى وبفعل تحديات كثيرة تتعلق بسطوة الظروف الطبيعية القاهرة وارتباك ايقاعها الداخلي سياسيا واقتصاديا واختلال ميزان القوى لصالح شعب دون آخر والمعطيات البعيدة لجبروت وتحكم هذه القوى الضاربة الحديثة، تتراجع تلك الشعوب ويخفت بريقها. 
وما جرى على الأمم عبر حقب وجودها جرى أيضا على العراق في الوقت الذي لا أحدَ ذا ضمير حي وعقل نيّر يمكن أن ينكر ما للعراق من فضل عظيم على العالم أجمع، في ما توصل اليه من حياة آمنة وعيش رغيد وجذور عريقة، ان يتواجد ويكون، بسبب مايتميز به هذا العراق من عمق حضاري أشرق على البشرية كلها في أرض الرافدين ومنذ أقدم العصور بجهود القدرة الابتكارية الاستثنائية الخلاقة لإنسانه المختلف صانع الحضارات الكبرى. 
لهذا من الطبيعي جدا وفي كل مرة أن ينهض هذا العراق بعد ان يتعرض للتخريب بفعل غزوات تدميرية همجية عدوة للتحضر والتقدم والبناء ومن اطراف وقوى مختلفة طامعة في ما حباه الله من خيرات تحت الارض وفوق سطحها ليسهم من جديد ومن موقعه المؤثر في خدمة الفن والثقافة الانسانية، إذن لاعجب أن يعود هذا العراق ثانيةً بعد ان أرهقته الحروب والغزو والاحتلال وفتنة الطائفية وهجمة الارهاب ليمارس دوره التنويري في فضاء الثقافة والفنون ويعلن الىن واثقا عن انطلاق الدورة الثانية من مهرجانه المهم (مهرجان العراق الدولي للمسرح) للفترة من 20 - 26 نوفمبر 2021 .
وهذا ليس بغريب على هذا العراق وطنٌ حليته الثقافة والفنون، فقد نظم في فتراته الماضية العديد من المهرجانات الفنية المتميزة الناجحة في مجال الموسيقى والغناء والتشكيل والشعر والتلفزيون والسينما والمسرح، وكان من اولى البلدان العربية التي نظمت بنجاح كبير وعلى الصعد كافة مهرجانا عربيا للمسرح في العام 1985، ثم أعقبه بمهرجانٍ ثانٍ هو مهرجان بغداد للمسرح
العربي. 
لهذا أعلن شخصيًا كرجلِ مسرحٍ عراقي عن سعادتي بهذا المهرجان المسرحي في طبعته الدولية الثانية، وعن شكري لوزارة الثقافة والسياحة والآثار ممثلة بشخصِ  وزيرها المثابر د.حسن ناظم في تعضيدها له بعد أن أعاق قيام هذا المهرجان الوزير الذي سبقه  بعذرٍ واهٍ!،  والشكر موصول لجميع العاملين في دائرة السينما والمسرح السابقين ممن سعوا وخططوا وأصروا على تثبيت هذا المهرجان والحاليين الذين أكملوا الإنجاز وتحدوا العقبات  على هذا الحراك الذي يعلن عن معنى احتفالي يبشّر بعافية العراق وعودته بقوة الى سوح صناعة الجمال، وأنه لقادر ثالثة وسابعة أن ينهض جماليًا بمهرجانات وملتقيات مسرحية محلية عربية وعالمية وفي مستواياتها المتقدمة تنتصر
للإبداع.