الأعمال الخفيفة وثقل المسؤولية

الصفحة الاخيرة 2021/08/26
...

 رضا المحمداوي 
 
لأسبابٍ عديدةٍ وجدتْ بعض القنوات الفضائية نفسَها مُضطرةً للتخلي عن طموحها في إنتاج الأعمال الدرامية الجادة والرصينة صاحبة المضمون الملتزم برسالتهِ الفكرية المعروفة، وبدأتْ بالميل نحو إنتاج الأعمال الفكاهية الخفيفة مثل {السكيتشات} او {السيت كوم} او {الفواصل الدرامية}، بل وحتى {النكتة الدرامية}، اذ شاهدتُ بعض نماذج النوع الأخير والمتمثل بمشهد درامي واحد يتلخص في (نكتة) عابرة، لكن رغم ذلك تجد في {التايتل} اسماء المؤلف والمخرج والمُصوِّر وغيرها من العناوين 
الفنية!.
وقد انطوتْ عملية إنتاج هذه الأعمال على نظرةٍ قاصرةٍ وفهم ساذج أدّيا إلى استسهال العمل الفني، فمن حيث المبدأ انَّ العمل الدرامي يبدأ من النص المكتوب على الورق، وازاء العمل الخفيف المزمع إنتاجه تقوم القناة بفرض شروطها ومواصفاتها على المؤلف الذي يتم استكتابه، اذ تملي عليه الفكرة العامة والمضمون، وكذلك فرض عدد الشخصيات القليلة وتحديد مواقع التصوير ومحاولة حصر أو تضييق دائرة الإنتاج بأصغر ما تكون.
وبالتأكيد انَّ مثل هذه الأعمال لا تحتاج إلى مؤلف كبير، وإنما يمكنُ لأي كاتب مبتدئ او مغمور أن يقوم بكتابة هذه النصوص مهما كان مضمونها، إذا كان هنالك مضمون أصلاً!. 
اما من ناحية التمثيل، فثمة مجموعة اصبحوا اشبه بالماركة المسجلة التي ارتبطتْ أسماؤهم بها، ولذا تجدهم يكرَّرون أدوارهم وشخصياتهم في هذه الأعمال وفي أكثر من قناة، وفي المحصّلة الأخيرة نجدُ أنَّ هؤلاء الممثلين قد أصبحوا (نجوماً) داخل الوسط الفني فهم دائماً ما يكونون مطلوبين ومرغوبين من قبل تلك القنوات ومخرجيها في ما يجلس زملاؤهم الآخرون على دكة الانتظار 
الطويل!.
لكنَّ الظاهرة الأكثر خطورة التي رافقتْ الانتاج، هي غزارة تلك الأعمال السهلة والسريعة النسيان، فضلا عن شيوع استخدام المفردات والعبارات السوقية، وبما تنطوي عليه من إسفاف وبذاءة والكثير من لغة الشارع غير المهذبة، ما تترك أثره البالغ في نفوس النشء الجديد خاصة بعد انْ تصبح شائعة ومتداولة على نطاق واسع في (الميديا) الاجتماعية.
ورُبَّما يكون امر هذه المفردات والعبارات الواردة سهلاً وعابراً، ولكننا نَجدُ أحياناً انَّ الفكرة الرئيسة والمضامين العامة ملغومةً بما يسيء للثوابت الوطنية والأخلاقية والاجتماعية.
فمَنْ يقرأُ ويفحصُ ويمنحُ إجازة النص الدرامي العراقي؟، وهل هناك رقابة فكرية على ذلك النص؟.