الإشكاليَّة البنيويَّة للدولة العراقيَّة

آراء 2021/08/28
...

  د. عبد الواحد مشعل
 
 تكمن إشكالية بناء الدولة العراقية في العلاقة التي تحكم عملية بناء دولة بمشروع المواطنة، فعلى الرغم من تأكيد الدستور العراقي على قيم المواطنة والمساواة وحقوق الإنسان وغيرها، وهي آليات ضرورية في تشكل بنية الدولة الناجحة، إلا أن آليات التطبيق لا تزال تحتاج الى وقت طويل كي تمكنّ المجتمع من الوصول الى غاياته في بناء علاقات متكافئة بين أفراده وجماعاته من جهة، وبناء علاقة تفاعلية بينه والدولة من جهة أخرى. 
إن نظرة واقعية لحالة العراق في ظروف وتغيرات إقليمية ودولية معقدة، تتطلب مراجعة البرنامج السياسي العراقي على وفق رؤية واقعية تكون قادرة على التناغم مع أجيال جديدة لها ثقافتها وتطلعاتها، التي تختلف تماما عن توجهات الجيل السابق وبرامجه المطروحة على الساحة الوطنية، والتي أنتجت لنا واقعا يتنافى تماما مع الواقعية التي تقوم على الاعتراف بالأخطاء ومراجعة الواقع السياسي ونقده، إي أن هناك حاجة ملحة لفهم ثقافة الأجيال الجديدة في عالم متشابك المصالح تحكمه الصراعات الدولية، وتعمل فيه وسائل الاتصال الحديثة بكل طاقتها تساندها في ذلك قدرتها في الوصول الى مختلف بقاع 
الارض.
إن الانتقال الى مرحلة الواقعية وفهم ما يجري في العالم من تغيرات وتحولات سياسية وثقافية وتصارع مصالح من أفغانستان الى إفريقيا، ما يشير الى أن هناك محاولات لتشكيل مشهد سياسي جديد في منطقة الشرق الأوسط واسيا، لذا ينبغي أن نفهم كل ذلك من حولنا ونتعامل معه بحيادية، ثم نتجه الى مجتمعنا ونخاطبه بلغة جديدة أساسها بناء الذات أولا وأخيرا، من خلال طرح مشروع بناء الدولة القائم على قيم المواطنة وتنمية مجتمعه وإصلاح تعليمه واقتصاده ومعالجة أوضاعه الاجتماعية القائمة، وهذا لا يتحقق إلا بوجود مشروع وطني خالص يسهم به كل العراقيين، من اجل توجيه مقدرات وثروات البلد الى المجتمع، وإشباع حاجات ابنائه، حتى تتشكل الهوية الوطنية بكل مرتكزاتها ومقوماتها باليات تشعر الإنسان بأنه موجود وفاعل ومتفاعل مع عملية بناء الدولة، وهذا يتطلب تشكيل ثقافة جديدة قائمة على المشتركات الوطنية، لذا ينبغي أن يكون الهدف الأساسي على المدى القريب، العمل على توعية الأفراد والجماعات بأهمية المواطنة لخلاصهم من حالة الضياع، والعمل على بلورة رؤية وطنية للمستقبل.
وعلى المدى البعيد ستعطي التنمية - اذا ما تحققت - ثمارها ونكون أمام ثقافة وطنية ودولة مدنية، وإنسان معتز بهويته الوطنية. وبعكسه ستظل الإشكالية
قائمة.