الدغارة.. مدينة الريادة الثقافية والجمال الطبيعي

الصفحة الاخيرة 2021/08/30
...

 الديوانية: عباس رضا الموسوي 
وانت تقترب من تخومها النضرة، تشعر وكأنك مقبل على دوحة خضراء تحرسها أسراب الطيور المحلقة في سمائها الزرقاء والنهر المتعرج الذي ما عرف الغفوة منذ ولد، وكأن روجاته لم تشبع غريزتها من ضفتيه المنبسطتين كذراعي حسناء انهكها الخدر. 
 
انها الدغارة، مدينة الجمال الاخاذ والتاريخ المجيد ومضايف القصب العامرة بالرجال الاشداء وروائح القهوة وحكايات من الزمن البعيد، تسطرها ألسن لطالما مضغت من حلاوة الحديث، فيتراقص لها باطرافه الليل المنسدل. 
 
أيقونة ثقافية 
المعروف، ان الدغارة الواقعة على بعد 15 كم شمال مركز محافظة الديوانية، ايقونة ثقافية برز من ابنائها العشرات من رواد الادب والصحافة والرياضة والفنون، امثال الراحلين علي الشباني وكزار حنتوش ويعقوب جواد وكفاح عبد الحمزة وثائر شريف وخالد ايما وزعيم الطائي وباسم الاعسم وكاظم نوير وستار الزلزلي، وغيرهم الكثير من رواد الحركة الثقافية والاعلامية والرياضية في العراق، اذ يقول الناقد الدكتور باسم الاعسم: ان الدغارة تتمتع بميزات عدة منها طموح ابنائها، اذ ان الذين حصلوا على شهادة الماجستير والدكتوراه عبر عقود من الزمن، من ابناء الدغارة يعدون بالالاف قياسا الى عدد نفوس القضاء الذين لا يتجاوزون  100 الف نسمة، بينما سجلت الدغارة ظاهرة ثقافية في التأريخ الثقافي العراقي، كونها خرجت العشرات من رواد الساحة الثقافية والاعلامية والرياضية والفنية على مر العصور. 
 
الجسر والقصر
ومن ابرز معالم الدغارة جسرها القديم الذي ما زال شريانها الرئيس في النقل، والقصر الذي بناه الملك غازي ليكون محطة استراحة له ولباقي افراد الاسرة المالكة من امراء واميرات، والشائع ان الدغارة تعد حاضنة عشائرية في الفرات الاوسط والعراق، كونها تضم مقر احدى امهات القبائل العربية الاصيلة (الاكرع)، وهذه الميزة مكنت ابناءها ليكونوا من المحافظين على القيم والاعراف، وهذا ما تلمسه في تصرفاتهم وطريقة تعاملهم مع الاخرين، كما اسهمت هذه الخصوصية بتحول مجالسهم في مضايف العشائر الى منتديات ادبية خرجت العديد من الشعراء وكتاب السيرة.  اذ يقول الباحث الدكتور جاسم محمد كاظم: ان ارياف الدغارة من الحواضن العشائرية المهمة في العراق وقد سجل التاريخ المعاصر العديد من المواقف البطولية لرجالها، بالاضافة الى استمرار دواوينها بتخريج شعراء وكتاب سير يشار لهم بالبنان، اذ
اصدر العديد منهم دواوين شعرية واعمالا نقدية وكتبا تعنى بالتاريخ، وغيرها من شواخص نقف امامها باحترام لكونها تحدثنا عن مدينة الجمال الطبيعي وحاضنة التأريخ 
الثقافي.