ببلوغرافيا محمود البريكان

ثقافة 2021/09/01
...

لؤي حمزة عبّاس
 
من المهمات التي نهض بها حسين عبد اللطيف (1945ـ 2014)، إلى جانب إشتغاله الشعري، مهمة (التوثيق) الأدبي، لأدباء البصرة خاصة، فالشاعر الذي «كان منفرداً يعزُّ شعره على المماثلة والتشبيه، ذاهباً لصوره وإيقاعاته وحدها»، حسب تعبير الناقد الدكتور حاتم الصكر، لم يكتفِ بالشعر وحده، بل عمل على تقديم ببلوغرافيا لانتاج بعض من رموز الثقافة العراقية، لم تكن تخلو من تصورات نقدية تستحق المراجعة والتأمل، يبدو ذلك على نحو واضح في الصلة التي جمعت بينه وبين الشاعر محمود البريكان الذي شكّل ظاهرةً لفّها الكثير من اللبس، وقد كانت أولى ثمراتها الحوار المنشور في مجلة (المثقف العربي/ آذار 1970)، وهو الحوار الوحيد للبريكان، ثم أنجز ببلوغرافيا البريكان بعنوان (محمود البريكان، بجانب الوجه تماماً) نشرت في (مجلة الأقلام/ العدد 3ـ 4 لسنة 1993)، بمناسبة نشر ملف قصائد البريكان (عوالم متداخلة)، لكن الكتابة الأوفى لحسين عبد اللطيف عن البريكان جاءت بتاريخ 14 أيار 2014 تحت عنوان (محمود البريكان، النشر بالنسيئة والتقسيط). 
وقد كتبها مقدمةً لكتاب الباحثة الدكتورة ولاء محمود الموسوم (الجملة الشعرية في قصائد محمود البريكان) الصادر في العام 2014 عن منشورات ضفاف ودار الفكر، وفيها فضلاً عن التتبع الببلوغرافي الدقيق لنشريات البريكان منذ عام 1946 حينما كان طالباً في الدراسة الاعدادية، أفكار وإشارات لا غنى عنها لفهم شخصية الشاعر وتبيّن موقعه في الشعرية العراقية وقد كانت له صلة قريبة بالكثير من رموزها، زملاء دراسة وأصدقاء ثقافة، لكن الجانب الأهم في الببلوغرافيا هو مناقشة حسين عبد اللطيف لما أنتجته النقدية العراقية من آراء وتصورات بشأن البريكان وقضية عزوفه عن النشر، تلك الآراء والتصورات التي لم تكن تخلو من شطط مصدره عدم فهم شخصية البريكان وعدم تبين مزاجه الخاص الذي «لم يتعود تقييد نفسه فكان يتحرّك بحرية على وفق ما يلائمه ويتفق مع طبعه ومزاجه غير مهتم بسوق العرض والطلب أو ما يسود الوسط الأدبي من مواضعات دارجة واعتبارات وتقديرات». 
كما يكتب حسين عبد اللطيف فكلُّ ما هناك «إن الرجل متحفظ ذو روية لا يُحب الاندفاعات الطائشة، متأنٍ، لا يتحرك إلا بحسب طبيعته ومزاجه الخاص»، والخطأ الثاني الذي اقترفته النقدية العراقية والأوساط الثقافية، حسب تصوّر عبد اللطيف، «هو إيقافها شعره على التأثير الآني»، الأمر الذي أدى بالنقد العراقي إلى تقديم القراءة المعيارية والانطباعية لشخص البريكان على قراءة نصه»، فقد نُظر أبداً «إلى تاريخ الإنتاج ولم يُنظر إلى المنجزـ النوعية، وهي سلسلة من الأخطاء المرجفة التي حولت هذا الشاعر إلى (ظاهرة)، وكلما تناولته نقدياً علّقت على سلوكه أكثر من (نصه) الشعري. إن ببلوغرافيا حسين عبد اللطيف تقدّم في سبع عشرة صفحة الكثير في تتبع محمود البريكان، الشاعر والإنسان، وإنتاج تصوّر مسؤول منهما.