جريمة تلد أخرى

الصفحة الاخيرة 2021/09/07
...

زيد الحلي 
منذ بدء الخليقة كانت الجريمة صنو الحياة، وبتعاقب القرون تجذرت في المجتمعات المختلفة، وتنوعت اطرها واساليبها وتعددت مراميها واهدافها، لكن بقى اسم (الجريمة) عنوانها الثابت!
والعراق ليس بمعزل عن دول العالم، غير ان الجريمة بمعناها المعروف، لم تكن في سلم المساوئ المجتمعية، بل كانت حالات عابرة، تحدث هنا وهناك، وفي فترات 
متباعدة.
اما في المدة الاخيرة، ولاسيما في السنوات القريبة المنصرمة، فإن حجم الجريمة اتسع كثيرا، وبات يشكل خطرا بنيوياً عميق الاثر في المجتمع، والغريب ان الجرائم التي شهدناها كانت عصية على الفهم لغرابتها، وطرق تنفيذها كانت شبيهة بجرائم داعش، ففي السابق لم نسمع أن ابناً قتل اباه، او اشعل النار في جسد امه، او سمم اخوته او نحر جاره والى آخر هذه الصور البشعة التي كانت بعيدة عن سجايانا، ثم اصبحت لصيقة بنا، وما يحدث في المحافظات والعاصمة من افعال خسيسة نتيجة الحقد والحسد وانتشار المخدرات، ينذر بخطر قادم اوسع من الذي نلمسه ونعيشه 
حاليا.
ما المطلوب ازاء هذه الظاهرة؟ برأيي ان قيام الفضائيات ووسائل الاعلام الاخرى، بتخصيص برامج وفقرات فيلمية عن الجرائم ومرتكبيها لا يكفي اطلاقا، لان الجرح اوسع بكثير من ذلك، المطلوب وقفة حكومية وشعبية كبرى، تشارك فيها الجامعات وعلماء النفس والمجتمع واركان الفنون والآداب ورؤساء العشائر ذات الارث المجتمعي والثقل الاعتباري، وخبراء التحقيقات الجنائية، والاستعانة بخبرات اجنبية، فلا استهانة بأي جريمة تحدث، فهي تتوالد بمسميات واساليب عدة، إنها اخطر من امراض السرطان والطاعون، وابلغ في تأثيرها المدمر على اللحمة المجتمعية من 
كورونا.
لنقف بقوة وبعقلية جسورة امام هول الجريمة، التي أخذت تنمو بشكل خطير، ففي كل يوم نسمع بجريمة غريبة، قوامها وابطالها من الأسر ذاتها، فلم تعد للام والاب والاخت والاخ 
حرمة..
ننتظر قراراً سريعا من الحكومة والبرلمان بهذا الخصوص قبل فوات الأوان.