وقفة مع عروض مهرجان الأنبار المسرحي الأول

ثقافة 2021/09/07
...

  قحطان جاسم جواد
 
خمسة أيام قضيناها في ربوع الرمادي والانبار، اثناء حضورنا لمهرجان الانبار المسرحي الاول. وكانت اياما للاطلاع على واقع المدينة وحملة الاعمار الناجحة. فضلا عن الاطلاع على مسرح المدينة وانجازاته. شاركت فيه 8 محافظات عراقية. قدمت عروضا مسرحية مرموقة وتستحق المشاهدة. وهنا وقفة مع ابرز العروض. مسرحية فرقة المنتدى المسرحي الجاد في الفلوجة. قدمت مسرحية (انتهاكات) كعرض شرفي لافتتاح المهرجان. ولم يدخل المسابقة. وهو عمل جيد تميز بفكرة غير مطروقة وغريبة في مسرحنا. من خلال مجموعة جنود هم ما تبقى من مجزرة جماعية سابقة. تتحول هذه المجزرة او المقبرة الى مكب للنفايات، وتجري فيها حكايات وحكايات عن الصمود والتمسك بالحياة من قبل الناجين رغم صعوبة الحياة. افلح فيها الممثلون معاذ عكاب وعبدالله كريم وعثمان الحلبوسي بتقديم عرض جمالي معبر. واقنعونا بأدائهم انهم اشباح تعيش في الماضي. لكنها تتمسك بأمل الحياة. المسرحية من تأليف وإخراج عكاب حمدي مدير المهرجان. في عرض (الهروب) لفرقة جماعة “مسرحيون في كربلاء”، تأليف وإخراج الفنان مهدي هندو الوزني. وبطولة الفنانين محسن الازرق وجواد كاظم وابراهيم شذر العكيلي، وموسيقى وتأثيرات صوتية لعلي جواد، وديكور فاضل ضامد. تناولت قضية الهروب عند الانسان العراقي، وخوفه من المجهول، ومعاناته ازاء ذلك. وبالرغم من ان القاعة، التي احتضنت المسرحية لم تكن مهيأة بشكل تام (عرضت في الرمادي بدلا من الفلوجة). لكن فريق العمل تمكن الى حد بعيد من تقديم عرض جيد، ولو قدم بشخصية واحدة موندراما بدلا من ثلاث شخصيات. ربما كان العمل أخذ أبعادا أفضل. لكن مخرجه ومؤلفه الفنان مهدي هندو ارتأى ذلك لتوسيع المعنى، وشمولية المعرفة، من خلال اداء وحوار الشخصيات. ولان المخرج هو ايضا ملحن وعازف موسيقي جيد، وظف بعض اغاني فيروز وام كلثوم، للتعبير عن مايريد قوله، في تحدي الهروب من الحياة وايجاد البديل. وقد سعدنا بأداء الممثل ابراهيم شذر الذي تميز عن الاخرين. ما دعا لجنة التحكيم الى منحه جائزة افضل ممثل ثان، كذلك حاز مهدي هندو جائزة الإخراج. مسرحية النجف (الجزيرة الخرساء) انتاج فرقة عيون الفن الثقافية، كانت من العروض اللافتة للانتباه، وحازت اربع جوائز، وهي من تأليف وإخراج ابو القاسم الزهيري، نجح فريق التمثيل بتقديم صورة دقيقة لواقع متعب في الحياة، هذا العرض شاهدته من قبل في مهرجان النجف، وشاهدته مجددا في الانبار، وتميز هذه المرة بتنامي الفكرة والإخراج والأداء الجماعي. مما حفز لجنة الحكم على تقديم أربع جوائز للعمل (الأداء الجماعي والإخراج وأفضل ممثل واعد وأفضل ممثلة واعدة). فرقة التسعين من بغداد قدمت موندراما أزهار، إخراج حسين جوير، ونص جميل الرجة، الذي حظي بجائزة أفضل نص في المهرجان، من بطولة الفنانة المطربة أزهار العسلي، التي تمكنت من الاستحواذ على انتباه ومتابعة الجمهور الغفير، وكذلك اللجنة النقدية، وتوقع الكثيرون فوزها بجائزة أفضل ممثلة، لكن لجنة التحكيم حجبت الجائزة، لاعتباراتها الصارمة في التقويم ومنح الجوائز. 
كما حجبت جائزة أفضل عمل متكامل للسبب نفسه. عموما تعاطف المخرج جوير، مع كاتب النص، وممثلته، في تقديم عمل ناضج استحق الحضور والمشاهدة. أما مسرحية البصرة خط أعوج، وهي من نوع الرقص الدرامي والتمثيلي، تمكن فيها شباب البصرة من ان ياخذونا في سياحة جمالية في الاداء وبطريقة الاحتجاج. لاسيما ممثلة العرض الممثلة بدور العبدالله، التي ظفرت بجائزة افضل ممثلة بدور ثان. لكن يلاحظ على الموسيقى انها لم ترتق للاحداث الحزينة او الحوار. وكان يمكن اسناد المهمة لمؤلف موسيقي وليس اختيارها من موسيقى أخرى، وهذه علة معظم الاعمال العراقية، ووجدنا ان عروض المهرجان. تشترك بتقديم الموت والخوف والهجرة، صحيح انها تعبير عن الواقع المؤلم، لكن علينا ان نغيره، ونقدم حلولا للامل والتفاؤل لاعادة الحياة، وليس تقديم الواقع كما هو، كذلك هناك تشابه الاحداث، رغم اختلاف طريقة التقديم، وهناك عرف تعمل به لجنة النقد مفاده عدم السماح بتعقيب على تعقيب، وأرى أنه لا ضرورة لذلك لان هناك الكثير من التعقيبات تغني العمل وتفيد العاملين فيه، أخيرا أرى ان قضية الايقاع في العروض لم تكن متواصلة بنفس الحماس والاستمرارية. ففي البداية جيدة وكذلك في النهاية، لكنه يترهل في منتصف العمل ويهبط او يقل عن حماس البداية.