صدفة خارج النافذة

ثقافة 2021/09/09
...

 ابتهال بليبل 
 
مساء.. كنّا نقصدُ بائعة الحليب، بقلب 
أبيض وخاطر شاسع 
كلّ التوقعات كانت ممكنة 
التوقعات التي كانت تتبرّعم تحت رمل 
الاحتمالات بصمت رطب 
هي الآن قمم لأشجار الحاضر 
المورق بالوجوم. 
البائعة التي لن تتمكن أبداً من التنبؤ بحاجتي 
للبياض.. البياض فحسب. 
البياض الذي يشبه (فلاشات) هواتف نقالة راقدة في عمق 
ذكرياتنا المفقودة وكأنها برغبة أخيرة جامحة 
تحدق بلا عيون في ليلها الأزلي. 
هكذا تبدو المشاهد من خلف زجاج سيارة هاربة بثقل 
دماغ تحت تأثير التخدير العام. 
هاربة تبحث يائسة عن كل ما تحتاجه امرأة 
عمياء معلقة في الهواء. 
هكذا تبدو جبال (أزمر) الشاهقة حيث تميل بيوتها 
وكأنها تأكل زرقة السماء بينما فتاتها 
يسقط من رعشات رموشك في الفضاء 
كلما يذبل الكحل. 
اعتقدتُ مرّةً أنّ التحديق هنا سلسلة 
تجرّ داخلك نحو شوارع 
بعيدة عن بيت لا يدخله البرد.. النهايات تمرّ بأناقة 
متسولين على ناصية 
نسيان ما (سواق) ووجوههم 
المشفّرة: جميعهم يبتعدون كصدفة خارج النافذة. 
هواء أيلول هنا يشفط الداخلين إلى رأسي حديثاً 
يأخذهم نحو مزارع لأبقار حيث قضيت حياتك كلها تخاف الخطوة القادمة 
الاجتياز يشتدّ مع العميان وحدهم.. وحدي بين المرتفعات 
والأشجار- السوداء في نهاية نهار 
وحيدة وحولي الجبال يضيع جسدي ببطء 
أوهام الاجتياز تصعد نحو سماء ابتلعتها العتمة بالخطأ 
بلا نواجذ في الهروب، أترقب عودة أجسادي، صامتة 
والاجتياز يطرق عيني حيث يتوقف فلاش الهاتف النقال 
فأطلب بصيص ضوء 
الأصوات هنا تفتح أذْنَي كوجوه نائمة في صمتي الفاتر 
كلمات متقطعة مخبَّأة في رأسي العتيق.. والأشباح 
الذين لا جدوى منهم يبصقون في ليل كذوب 
يتمدّد في غربة أبدية فيما البياض ينزل 
كسيول في الدلاء مثلما يفعل الماء في الوجود 
السيول لا تهمّ: سوداء أو بيضاء 
ثمّة عتمة جائعة على الدوام لكل ضوء 
النهايات هي الشوارع 
المعبَّدة بين الجبال 
لكنها تبقى في سواد 
مجرّد عتمة.. مجرّد احتمال.