تستقطب التجربة الحسينية والاخبار المتواترة المحكية شعبيا عن استشهاد الامام الحسين بن علي(عليهما السلام) وصحبه الكرام، اهتمام ملايين المسلمين في كل أرض من عالم اليوم، مثلما هو الأمس، وستزداد استقطابا في ما يتوالى من الزمان.
الأمر جله ينطوي على استشراف بطولة الامام الشهيد وصحبه الأحرار في تلك المعركة الفاصلة في أرض الطف، حيث انتصرت البطولة الاستشهادية على صولة الباطل اليزيدي، الذي بدا له أنه حقق ما أراد بقتل آل البيت وأمامهم ابي الأحرار، لكن قتل الحسين أصاب دولة يزيد المغتصبة بالرعدة، موقنة أن المادي المباشر ليس ألا هزيمة منكرة وواضحة.
ذلك أن مصارع الحسين (عليه السلام) وآل بيته وصحبه الغر، كان اغتيالا للتجربة الاسلامية وحرفها عن مسارها، فكيف يتفق أن يقتل من يدعي امارة المسلمين أولاد النبي الكريم وصحبه، وهو يؤدي الصلاة خمس مرات يوميا (اذا صلى) وسلم في صلاته المفترضة على النبي وآل بيته الكريم؟.
يقول الامام الشافعي -رحمه الله - (من لم يصل عليهم لا صلاة له) وهو الصادق في ذلك، فكيف الأمر بمن يقتل أولاد النبي وصحبه ويمثل بهم ويقطع رؤوسهم ويحملها من أرض كوفان الى دمشق تشفيا وحقدا؟ اين الاسلام من كل هذا؟.
المسلمون يعدون بالامس واليوم وعبر تاريخهم أن استشهاد الأمام الحسين البطولي على يد أنصار يزيد الخارج عن الاسلام هو بدء الانحراف الواضح عن مبادئ الحق، وقد سبقته (صفين) أيام الامام علي بن ابي طالب، وقد جاء بعد(صفين) يوم استشهاد حيدرة، وكل هذه الأحداث المنكرة تعد خروجا على نهج الأمة وبطلان الشرور رغم استحقاقها العملي.
لقد أزدادت التجربة الحسينية البطولية شعبية عاما بعد عام، وتأكد حضور دروسها البهية لدى المسلمين ومن اعجب بالاسلام من الاديان الاخرى، وكانت تجربة الايام الاربعين التي تبدا حقيقة من يوم استشهاد ابي عبدالله الحسين الى اليوم الاربعين، تجربة غنية بالاستذكار للواقعة الدامية وما تلاها، ورصدها شعرا ونثراومؤلفات ثرة في الفكر والشهادة.
ويظل عمق التجربة الحسينية وديمومة استذكارها سنويا وفي موسمها الدامي معادلة موضوعية لآلام مسلمي اليوم، وهم يخوضون معارك البقاء ضد من يريد بهم الشرور من هنا وهناك، وكل ما عليهم أن يزدادوا تماسكا على مستوى الشعوب من اجل بناء غدهم الذي نرجوه خيرا خاليا من شرور الاعداء.