استطلاع / صلاح حسن السيلاوي
هاهو المربدُ يُحلّقُ بأجنحتِهِ الملونةِ في سماءِ الشعرِ العراقي استعداداً لهبوطِهِ على منصتِهِ في البصرةِ العظيمة، وها هم شعراءُ العراقِ يكتبونَ بلؤلؤِ الفرح لمعانقته من جديد، يكتبونَ له ويحلمون بنوره مشعاً على رؤوس البلاد، على شرفات العواصم. يحلمون بمربدٍ كان وما زال يمثل علامةً مهمةً تشير لوجود الشعر وأهميته وعمقه في العراق والعالم العربي، عن هذا الحلم وجهت الصباحُ سؤالاً لنخبةٍ من الشعراء هو: ماذا نريد من المربد؟ . ودونتْ إجاباتهم عبر هذا الاستطلاع .
متجدد برمزيته
الشاعر الدكتور عمار المسعودي قال: الذي نريده من المربد هو أن يكون هذا المهرجان الرائد متجددا بمستوى رمزيته المشعة عبر الزمني - الثقافي - الهوياتي؛ لذا وبهذا الوجود المتقلب للمشاهد السياسية التي تنزاح كثيرا وفقا لشكل الصراع الإقليمي - الدولي.
مهرجان المربد أيقونة ثقافية عابرة يقدم مشهدنا الثقافي من جراءة كل ما يشير إلى عبق التاريخ أو نشوة البوح او سرور اللقاء على أرض الشعر أو حتى البقاء على قيده. دائما ما أتمنى من القائمين على هذه التظاهرة ان يوسعوا من زاوية النظر وأن يجدوا حلا حداثويا لمركزية المنصة وجعل القراءات دائرية بدلا من النظر الواحد جهة الواحد المرتقي - المركز. لابد أن نمضي مع الشعر عبر الهوامش مغادرين المراكز في القول والتلقي. قد يكون ما أقوله بخصوص التنظيم خارجا عن الواقع ذاهبا صوب المتخيل لكن الاشياء التي نحلم بها هي الوحيدة التي تنتمي لوجودنا.
انا أدعو اصدقائي في إتحاد أدباء البصرة لأن يجعلوا من البصرة بقضها وقضيضها مربدا شاملا في المدارس والجامعات والمستشفيات والدوائر والأسواق. مثلا تنسيق حملات خدمية لتنظيف الشوارع والاحياء والأنهار والأسواق كذلك حملات لتنظيم المرور ورفع التجاوزات بمعنى أن يخرج المربد من الزجاج والابراج التي من عاج طبقي والذي يقصر دائما عن تأدية واجبات تنويرية وهوياتية وامنية وتجارية وسياحية. اقول تعالوا نخرج بالمربد إلى مرافئ أبعد فهو نسر لا يحبس والبصرة ليست فضاء ينتمي لجمالها واكتنازها في الماضي ومتعسرة ومتكسرة و ذابلة ومترهلة في الحاضر..انما هي عين الصقر وهو يناظر المستقبل
حجرُ الأساسِ لعراقٍ جديد
الشاعر علي فرحان قال: مهرجان بعراقة المربد، نريده ان يكون حجر الأساس في النظرة الجديدة للعراق، ومحاولة لتأهيل البصرة لتكون قبلة ثقافية مضيئة ومتجددة ومتواجدة في ضمير الإبداع العالمي، نريده ان يحرك العقل الحكومي في الانتباه للإرث الحضاري المتراكم في خاصرة العراق الجنوبية، فمن المؤسف اننا لا نجد للآن قصراً ثقافياً يحتضن فعاليات المربد ولا قاعات حديثة انشأت لهذا الغرض، او على الأقل إقامة متاحف لشعراء بصريين كبار كالسياب، محمود البريكان وحسين عبد الطيف، يجب استثمار هذا المهرجان في تأسيس رؤية ثقافية تأخذ بيد المهرجانات العراقية، كون المربد بتاريخيته وتاريخه فضلاً عن ميزانيته الضخمة مؤهل ان يكون بوابة للرؤى والمشاريع الإبداعية.
وليمة المجتمع الشهية
الشاعر مهدي النهيري قال: ربما يكون هذا السؤال قريبا جدا من رأس المثقف وعاديا، لكنه مهمل أو منسي، وبهذا سيكتسب أهمية إثارته وإعادته إلى حيز الجدية. ماذا يريد المثقف من تجمع بشري كبير لا يضيف إلى عقله شيئا كثيرا من المعرفة لطبيعة اختزال المنتج الفكري في تجمعات كهذه، ولا يضيف إلى وجدانه كذلك زخما عاطفيا، بسبب من عدم تخصص المهرجان بهذا الجانب. وماذا يريد المواطن الذي يعيش خارج المشهد الثقافي من مهرجان يقام في قاعات مغلقة، يحضره رجال أنيقون ونساء جميلات، يتحدث جميعهم مع جميعهم حول مواضيع لا تعني للمواطن إلا ما يعنيه الطنين.
إن أهمية المربد الكبيرة تنبثق من التحام هذا الكرنفال العراقي مع هم المجتمع ومع اندكاك مثقفيه بما يشغل بسطاءه، ولا أدعو أبدا الى إنزال لغة الفكر والشعر من عليائها، بل أدعو كل المثقفين إلى الاقتناع بفكرة أن يصطفوا مع الناس وأن لا يتخيلوا أنهم غرباء وحيدون في غابات البلاغات المتشابكة أو رمال التنظيرات المتحركة . ليس المربد وحده مدعوا إلى وليمة المجتمع الشهية، إنما هي ضرورة كل منبر ثقافي أن يلتفت إلى منابعه الأولى وأن يعيد النظر بطينته التي شكل تمثاله منها.
تظاهرة ثقافية عربية
الشاعر نصير الشيخ قال: تشكل المهرجانات الأدبية حقلا خصباً للتجارب الإبداعية في الإعلان عن حضورها، ومن ثم إرساء وديمومة العمل الثقافي وتجديد مسارات خطابه، مع تنشيط الفعل الثقافي ودوره المجتمعي والحضاري.
ومهرجان المربد الذي ينعقد سنويا في البصرة الفيحاء، له حضوره الفاعل في تشكل الذائقة عن طريق وجود القصيدة ومناخاتها، وبالتالي ضخ دماء جديدة للعملية الشعرية، والتأكيد على دور الشعر على أن يكون فضاءً لبناء الإنسان، ودور الكلمة التي شكلت النشيد السرمدي منذ أول لوح طيني. ولأن مهرجانا كبيرا كالمربد بحضوره الذي يقرب من مائتي مدعو،كمناسبة ثقافية، لابد ان تكون ثمة أخفاقات ترافق فترة انعقاده، متمثلة في عدم السيطرة على زمن القراءات الشعرية،والإيفاء بتوقيتات الجلسات النقدية
وقراءة للوجه الثاني لفعاليات المربد، نرى ان عددا كبيرا من المدعوين يفرطون في زمن القراءات الشعرية،وكسر الذائقة الجمعية للاستماع للشعر..فبعد قراءة شعراء لايعدون على أصابع اليد الواحدة، يبدأ الانسحاب من قبل (الأدباء/ الشعراء/ الحضور) الى خارج قاعة الفعالية الأدبية، وبما يشي بمزاجية لاتحترم مايُقرأْ على
المنصة.