شكر حاجم الصالحي
اتسمت قصائده بالدعابة والظرافة والسخريَّة: ورغم بيئته المحافظة وظروفه المعيشيَّة الصعبة، إلا أنه واصل النظم الشعري بذات السمات التي حظيت باهتمام وقبول السامعين لها، وكان حسين قسام النجفي (1897 ــ 1958) ممن نالوا شهرة واسعة وذيوعاً في المحافل والأوساط الشعبيَّة، بالرغم من أن أشعاره الكثيرة لم تطبع في حياته.
إلا أنَّ صاحب مطبعة الغري الحديثة قام مشكوراً بطبع ديوانيه (سنجاف الكلام وقيطان الكلام) عام 1962، وعلى نفقته الخاصَّة، وقد قوبلت مبادرته هذه بالترحيب والثناء من مختلف الجماعات على تنوع أمزجتهم ورغباتهم، وقصائد القسام انتشرت كانتشار النار في الهشيم ــ كما يقال ـــ وصار لها مريدوها الكثر، ومن قصائده الشهيرة (سرقة ضريح هود وصالح) والمحاورة الطريفة بين (العتوي والجريذي).
وهنا رأيت أنْ أضع بعض أبياتٍ من قصيدته الفكاهيَّة الساخرة عن (سرقة ضريح هود وصالح) كأنموذج للتدليل على براعة القسام وعفويته وسخريته اللاذعة، إذ كان يقوم بخدمة الضريح الذي وجده مسروقاً فقال في ذلك الحدث هذه الأبيات:
تغديت ورجعت الأنبيائي اردود
مو وحدي اجيت اوياي ثلث هنود
يردون الزياره ومعتنين الــهود
ومن ذوله أحصّل گلت خرجية
الشباج مدري اشلون من طبّه
وصل يم الضريح وكسّر العتبه
والله يا جماعة طبته عجبه
كسر قفل الضريح ابن اليهوديه
لعد نامق شريف احجيتله اخباره
وآنه منقهر و دموعي تتجاره
وهو للكشف حضّر السياره
ما قصّر اوياي أشكر مساعيّه
عگب ساعه الحاكم صاح للملّه
جاب المتهم والحاكم إيكلّه
سنه تنحكم هسه تروح للحلّه
على ظهرك يحطولك الكونيه
ذوله انبياء الله فضلهم بان
مادحهم الباري بسورة القرآن
معاجزهم تعجّب كل انسان
فضلهم مثل نور الشمس ضحويه
وللتوضيح فإنَّ نامق شريف هو الضابط المسؤول عن مركز الشرطة، والحلّة المدينة المعروفة، أما الكونية فهي كيسٌ مصنوعٌ من الجوت، يوضع على ظهر المحكوم عند إرساله الى سجن الحلة.
ولا بُدَّ هنا أنْ نشير الى أنَّ الشاعر حسين قسّام النجفي كان من أكثر شعراء الفرات في زمانه حضوراً وانتشاراً لما تميزت به قصائده من روح الدعابه والفكاهة الهزليَّة.
إنَّه واحدٌ من الشعراء الخالدين في ذاكرة محبي هذا الفن الشعبي الواسع الانتشار.. للقسام الرحمة والذكر الحسن.