الزوجة القبيحة

ثقافة 2021/09/20
...

ابتهال بليبل
 
في ذكرى وفاة الأميرة الألمانية (آن من كليفز- 22 أيلول) الزوجة القبيحة للملك هنري الثامن كما كان يطلق عليها تأخذني قصتها الغريبة إلى فكرة أننا (نلمس معنى معيناً عندما نصف الأشياء، لأنني هنا استعمل ما يتعلق بالتجربة التي تنقلها تلك الأشياء وتخلقه في داخلي)، خاصة عندما نكتشف أن كليفز لم تكن قبيحة بالفعل كما روّج عنها، لقد كانت متوسطة الجمال وبسيطة بملامح مقبولة. 
فعند العودة إلى مصادر القصة نجد أن الزواج قد حدث (لاعتقاد هنري أنه بحاجة إلى تشكيل تحالف سياسي مع شقيقها قائد البروتستانت في ألمانيا الغربية، ويليام، دوق كليف. وكان هنري يريد التقارب مع البروتستانتيين لمحاربة الكاثوليك، ففي عام 1539 ظهر أن القوتين الكاثوليكيتين الرومانيتين، فرنسا والإمبراطورية الرومانية المقدسة، كانا على وشك الانضمام معا لمُهاجمة إنجلترا البروتستانتية، وقد دفع هذا التهديد رئيس وزراء هنري، توماس كرومويل، لترتيب الزواج لإقامة علاقات بين إنجلترا والأعداء اللوثريين للإمبراطور الروماني المقدس، تشارلز الخامس).
لم يلتق الزوجان مطلقاً بحسب القصة ولكن (تمّ إرسال صورهما المرسومة لكليهما، وعليها تمت الموافقة وترتيب الزواج، ولكن عند رؤية آن للمرة الأولى، قيل إن هنري أصيب بخيبة أمل وشعر بخدعة لأنها لم تكن تشبه الصورة المرسلة له، حتى أنه أطلق عليها لقب -الزوجة القبيحة- وأعلن بعد ذلك هنري أن عدم جاذبيتها الجسدية جعلته غير قادر على إكمال واجبه الملكي، وخلال وقت زواجهما عام 1540، كان الملك يبحث بالفعل عن طريقة للخروج من هذا الزواج، ولأن التحالف السياسي لم يكن في تلك المرحلة مناسباً.. تمت تسوية الأمور وتحديداً بعد 6 أشهر، تم إلغاء الزواج).
وها نجد أن الحكم عليها بالقبيحة جزء لا يتجزأ من الأشكال الأولية للتنسيق السياسي، فضلاً عن أن موقع هذا التقييم يقود في ذاته إلى أراء أخرى يحتمل أن تكون تداعياتها أبشع وأكثر قساوة من حيث التطبيق. لأنه اتجه بعيوب الزوجة البسيطة المتمثلة (بشكلها) إلى عالم تنعدم فيه المثل العليا (القبح- الشر)، من ثمّ يدفعنا في ذاته لنبحث على ملاحظة ما وراء هذا التقييم - كما في القصة، فشل التحالف بين القوى الكاثوليكية وبالتالي فلا فائدة من استمرار الزواج- وهو الملجأ المعتاد لمن تصبح سلطتهم متواطئة مع مزاعمهم الثقافية لانتهاك الحقائق والاتفاقيات وإن كانت مصيرية (الاتفاق على الزواج الاجتماعي = الاتفاق على التحالف السياسي) بضياع أو انفلات أحداهما يوجب إزاحة الصلة تماماً من عالم القيم الجوهرية. 
يمكن أيضاً أن يعزّز التقييم بهذا الشكل على جسد المرأة ومظهرها لكي تثني المرأة عن السعي في دحض أي قرار لا يناسبها مثل (إلغاء الزواج) إذ لم تعترض كليفز أبداً من قرار الملك، والسبب اقتناعها بأنها كانت زوجة قبيحة، هذا القناعة حديثة، إذ تجرعتها بشكل تدريجي خلال الفترة التي عاشت فيها مع الملك (6) أشهر لتكن النتيجة الرضا بالانفصال. وهو من أنواع التمييز الجنسي الذي تتعرض له النساء غالباً عند ترشحهن لمناصب معينة غاية في استبعادهن.