أ.د. مها خيربك ناصر
صلاةَ إيمانٍ رتلته ملائكة الأرض...
فضاءَ حبٍّ وأمان وموطن رجاء رسمته أحلام المبدعين...
صوتَ عدالة.. ورسالة انفتاح.. وعنوان خير وحبّ وتسامح وجمال كتبته أنامل الحياة...
إنّه اللبنان الذي تربّع على عرش الحضارة الإنسانيّة.. وكان الفضاء الثقافيّ المعرفيّ، والأفق المفتوح على اللانهايات... إنّه الأرض التي فاضت عطاء وتسامحًا ومحبّة ورجاءً وقوة وإيمانًا وتمردًا...
إنّه الجميل الذي كتبته أنامل السَحر قصيدة فرحٍ رفرفت نغماتها أملاً في نفوس عاشقيه ومحبيه...
إنّه الملتقى الحقيقيّ والفعّال للحوار البنّاء، وقبلة التلاقي والتعاون والتفاعل والتفاهم والحوار والخلق الدائم والمتجدد...
هو الفيض حيث تلاقحت الأفكار وتفاعلت الطاقات فكان المولود الجديد على غير مثال...
هو بحر العطاء وشمس الدفء، وسرير الأمن، وحضن الطمأنينة...
هو رجاء المتعبين الباحثين عن ذواتهم... وسماء حريّة للكلمات المتمردة على سجاني الفكر، وقبلة أحرار العالم...
نعم هو لبنان الذي ضمّد جراح المتعبين، وأزهر أحلامهم ربيعًا دائم العطاء، وحاك من همسات المتألمين خمار رجاء.. هذا اللبنان، عينه، ينتظر، اليوم، قيامة الرجاء بعد أن دنسته مطامع الفاسدين... ولوثت فضاءات جوده مخططات داخليّة وخارجيّة، ومطامع دوليّة وتخاذل المفكرين...
كان لبنان مروحة سلام تفيض عطاءً، واليوم يقف أبناؤه في صفوف الذل وهم يأملون أنْ يحالفهم الحظ فتمتلئ خزانات الوقود ما يساعدهم على الحركة والانتقال...
أهو الحقد الدولي على بلد كان منارة العالم، وعلى شعب عظيم لم يكن ليركع أمام الصعاب، فتمارس عليه ضغوطات لتجويعه وحصر اهتماماته في أمورٍ يوميّة توقف فيضه الإبداعيّ، وتحجب عطاءاته العلميّة؟
لقد انتصر اللبنانيون على القهر والجوع والعطش والاستعمار بكلّ أنواعه، وجعلوا من الصخر طحينًا، ومن الحجارة سلاحًا وملاذًا، وانتشروا في أصقاع الأرض لينشروا الفكر الحرّ ويزرعوا طاقاتهم معاول خير ورزق في كلّ بلد مشوا إليه.
حمل اللبنانيون وطنهم في قلوبهم أغنية انتماء ورجاء وكرامة وعنفوان، وصار درة الشرق، وتاج سلام ومحبة، وغاية الباحثين عن الأصالة، ومقصد الراغبين في المعرفة والاستجمام والاستشفاء، فأفشلوا مخططات قديمة غايتها التقسم والتفتيت، غير أنّ هذه المخططات ما زالت تحوك القهر والألم، وهي اليوم أشد مكرًا وخبثًا لأنّها شجّعت السياسيين والاقتصاديين على سرقة أموال شعب عظيم حرموه من أدنى حقوقه الوطنيّة.
شكرًا لهذا الألم العظيم الذي سيساقط غيثًا، وسيعود لبنان صلاة إيمانٍ، وفضاء حبٍّ وأمان، صوتَ عدالة إنسانيّة..