عبد الكريم قاسم في 14 تموز 1958

آراء 2019/03/03
...

سعد العبيدي

مواليد بغداد الفضل 1914، عمل معلماً ثم دخل الكلية العسكرية وتخرج منها ملازما، ثم ضابط ركن عام 1941. انتمى الى تنظيم الضباط الأحرار الذي أسسه العقيد رفعت الحاج سري، بعد حرب عام 1948 الخاسرة مع اسرائيل، وبهذا الصدد قيل إن عبد الكريم قد اسس خلية تنظيمية في المنصورية، انضمت بمن فيها الى التنظيم الاصلي للضباط الاحرار لاحقاً، ولكونه الاقدم عسكرياً، فقد رأس عموم التنظيم عام 1957، وانه قدم عبد السلام صديقه القريب الى التنظيم في احد جلساته من دون سابق انذار. وقيل ايضاً إن عبد السلام هو من كان عضواً في التنظيم، وهو من قَدَم عبد الكريم الى المجتمعين. حكايتان متناقضتان لم يتم التأكد من صحتهما، على الرغم من بقاء بعض اطرافهما احياء لستة عقود بعد الحركة، ويصعب التأكد لأن التناقض في قضايا الثورات/ الانقلابات العسكرية عميق، نتيجة الانحياز الانتهازي وضعف الدقة وتدخل العاطفة في صياغة الرأي. اذ يلاحظ في هذا التناقض ان من كان منحازاً الى عبد الكريم قدم الحكاية الاولى، ومن كان منحازاً الى عبد السلام قدم الحكاية الثانية.    
لقد نجحت الحركة صبيحة 14 تموز 1958 وَعينَ القائد، نفسه رئيساً للوزراء ووزيرا للدفاع، وعين شريكه الفاعل في التنفيذ ميدانياً، نائباً له ووزيراً للداخلية، بعد ان أخذا على عاتقهما التنفيذ، وبالتنسيق مع قسم من الضباط الاحرار الذين كان نصيبهم في التعيين اللواء الركن محمد نجيب الربيعي رئيساً لمجلس السيادة، تمهيداً لانتخاب رئيساً للجمهورية، لم ينتخب حتى انتهاء الجمهورية الاولى. والعميد الركن ناظم الطبقچلي قائدا للفرقة الثانية، الذي أعدم بتهمة التآمر مع الشواف. والعقيد رفعت الحاج سري مديراً للاستخبارات، وقد أعدم بنفس اليوم والتهمة. والعميد عبدالرحمن محمد عارف قائداً لفرقة، بعدها أصبح وكيلا لرئيس اركان الجيش، فرئيس جمهورية انتهى عهده بعزله عام 1968 بانقلاب عسكري. والعقيد الركن عبد الوهاب الشواف حاكماً عسكرياً عاماً ليوم واحد، ومن بعده آمراً لحامية الموصل، حتى مقتله اثر الحركة التي قادها في الموصل.
لقد انتهت حياة قاسم بمأساة، وان لم ترق الى تلك المأساة التي تسبب بها انقلابه للعائلة المالكة، اذ وبعد اعدامه من قبل الانقلابيين في 14 رمضان، تم دفنه في مزرعة قريباً من الزعفرانية، قيل إنه نبش القبر بعد يوم من الدفن ورميت الجثة في النهر، خشية ان يكون المكان مزاراً يتجمع حوله مؤيدوه والمناوئون للانقلابيين الجدد. 
هذا واذا ما تم النظر الى فعله كثائر أو انقلابي، من الزاوية العسكرية البحتة، نجد انه خالف قوانين الخدمة العسكرية بانتمائه الى تنظيم سياسي، وخالف الدستور الذي كان سائداً بتنصيب نفسه رئيساً للوزراء، واسهمت ادارته المتأرجحة للدولة في ادخال القوات المسلحة، مطبات السياسة عن قرب، خطوة سحبتها الى تدمير كل ضوابطها وقيمها لاحقا.