فاليريا بايكوفا
ترجمة: شيماء ميران
غالبا ما تبرز من بين الحشود بطلات استثنائيات يلهمنَّ ملايين القرّاء بأنوثتهنَّ وبراعتهنَّ وعزمهنَّ. وهنا سنشير الى البعض منهنَّ. على سبيل المثال ليزا في قصة (ليزا المكسينة)، فقد احدثت قصة (بور ليزا) ثورة في الادب الروسي القديم عندما ظهرت للعلن في اوائل تسعينيات القرن الثامن عشر.
لقد كسر نيكولاي كارامزين افقا جديدا عندما ارتقى برحلة انتقال فتاة صغيرة من الانحلال الاخلاقي إلى قصة حب مفجعة. وكشف الكاتب سلاحا قويا في تراجيديته، عبر آثار روايته (بور ليزا) بنهايتها المدمرة. وأصبح عنوان شخصية كارامزين رمزا للحب الخالص والحزن العميق والظلم المجتمعي.
إذ تدور القصة حول رجل ثري من النبلاء يقع في حب فتاة فلاحة ذات 17 ربيعا ويغويها. ما يشير الى بداية النهاية لخطأ محكوم بالفشل. كانت ليزا تحب ايريست برقة وخجل، لكن القاتل الشاب سرعان ما خانها. فقد كان يقامر بعيدا عن ممتلكاته، وتزوج بعروس كبيرة في السن وثرية لإنقاذ وضعه. بالمقابل، ليزا التي لم تتقبل فكرة خسارة حبيبها، أقدمت على الانتحار تاركة مقولة: «تذكر ليزا الفقيرة التي تحبك أكثر من نفسها».
والشخصية الثانية تاتيانا لارينا ليوجين أونجين، إذ تعد شخصية تاتيانا التي صورها الكاتب ألكسندر بوشكين في اوبرا يوجين أونجين أحد اهم الشخصيات النسوية الجذابة في الادب الروسي.
لقد كانت فتاة قروية متفتحة القلب مليئة بالتوقعات العالية وتأمل بالتضحية بنفسها. وقعت في حب اونجين الاناني. وكما هو الحال غالبا انه طريق الاتجاه الواحد.
إلا ان اونجين رفض حبها تحت ذريعة انه لا يريد أن يكوّن عائلة، فتمضي الحياة وتتزوج تاتيانا برجل اخر. لذا عندما أحبها يوجين، كان قد تأخر الوقت، فهي لم تعد عمياء في حبه وفضلت أن تبقى وفية لزوجها ومبادئها الاخلاقية. ومع نهاية الرواية تحولت من فتاة حالمة قروية ساذجة إلى سيدة ناضجة تجسد النعمة والذكاء والكرامة الأرستقراطية.
اما شخصية ليوبوف رانفسكايا في مسرحية بستان الكرز، كانت تترأس شريحة طبقة رفيعة على حافة الإفلاس………
لقد هدمت ليوبوف أندريفنا منزلها ودمرت حياتها بتبذيرها. فهي على وشك أن تخسر املاكها، والاهم من ذلك بستان الكرز الذي تملكه. وهذا كان ما يثير للقلق، فقد استمرت بإنفاق المال، ورغم انها حرفيا لم تكن تستطيع تحمل تكاليف معيشتها، وتقول: “اوه ذنوبي، أنا دائما أنفق نقودي كالماء”، لكنها كانت على استعداد لإعطاء آخر قرش تملكه إلى المحتاجين. وهذه هي حقيقتها، مبذرة لكن ذات قلب كبير. وكانت هي مثال في المماطلة والطيش والسذاجة. في حين تتكلم ماتريونا في كتاب (منزل ماتريونا) عن قدرها المأساوي ووحشية الحياة السوفييتية. فقد كانت امرأة قروية كبيرة في السن، قصة قلبها موجعة، كتبها ألكسندر سولجنيتسين بطريقة تستحق سماعها.
كان لدى ماتريونا وزوجها ستة اطفال، ماتوا جميعهم بعمر مبكر، وتخلص منها زوجها لأنها كانت مريضة صحيا، مفلسة، ومنكرة لذاتها. تمضي معظم وقتها بالعمل.
اما شخصية ماريا بولكونسكايا في رواية الحرب والسلام فقد برزت الاميرة ماريا بهذه الرواية من بين الجميع. إذ كانت فتاة وديعة وخجولة، لكنها فورا بدت تشبه صديق قديم لأي شخص.
لقد عانت من ظلم ابيها الامير نيكولاي بولكونسكي الصارم الذي كان يصعب التعامل معه. ومع ذلك كانت تحب ابيها المسن الغاضب وتحترمه، فكانت كل نوبات غضبه غير المبررة دائما تصب على الاميرة ماريا. وكأنما كان يبحث عن كل ما يؤلمها من اجل ان يشوه قدر الامكان اخلاقها بقسوة.
ورغم انها ليست فتاة جميلة، إلا انها كانت تدخل قلوب الجميع. ومن صفاتها القوية صدق مشاعرها وقدرتها الحقيقية على إظهار الرحمة. وكانت لا تحكم على الكتاب من غلافه وعنوانه بسبب تواضعها وصدقها. وتؤكد: «ان القلب الجميل هو أكثر صفة تقدرها في الناس».
عن روسيا بيوند