بطاقاتُ الدفع الالكتروني تدخل ميدان الجدل العام
ريبورتاج
2019/03/03
+A
-A
بغداد / رلى واثق
تخوف الموظف "سمير علي" من فكرة تحويل الرواتب على بطاقات الدفع الالكتروني، وتحديدا لفكرة فتح حساب الكتروني في احد المصارف بقوله:"ليس لدي ثقة بالمصارف، فأنا اعتدت ان اتقاضى راتبي واتعامل به كيفما اشاء، هذا وان هذا الاسلوب يضطرنا الى دفع عمولات عن كل سحبة، وهذا الامر مزعج بالنسبة لنا، لاسيما للذين يتقاضون رواتب قليلة ومنهم المتقاعدون، ناهيك عن بعد مراكز الدفع عن اماكن العمل والمنزل، فهي متوفرة في اماكن معينة، مطالبا بإيجاد حلول مناسبة.
البطاقات الالكترونية
نائب المدير التنفيذي لرابطة المصارف الخاصة احمد الهاشمي بين أن"من حق المواطن الحصول على بطاقة الكترونية عن طريق فتح حساب مصرفي، للحفاظ على امواله من التلف او السرقة او حدوث اي عارض اخر، بعد ان اضحى العالم بأسره يعمل بهذه البطاقات سواء بسحب الاموال عن طريق الـ"ATM"او عن طريق اجهزة الدفع "POS"في المحال او سيارات الاجرة، اذ ستكون الاجهزة الاخيرة موزعة في عموم الامكنة ولايحتاج حينها الموظف سحب راتبه بشكل كامل".
وتابع أن" هناك استقطاعا مخفضا مقابل سحب الرواتب، في حين لايكون هناك استقطاع اذا كان الاستلام عبر الاجهزة المنتشرة في المحال، الامر الذي يشجع الموظفين والمتقاعدين للحفاظ على رواتبهم ضمن البطاقة الالكترونية، وكل ذلك بجهود البنك المركزي لتشجيع المواطن على استخدام التقنيات الحديثة في التعاملات المصرفية، كما ان المصارف يجب ان تتعامل بنظام الصيرفة الالكترونية وان تكون هنالك سيطرة على الاموال وتيسير كل العمليات المالية من تحويل او سحب مما يجنب تلك الاموال عمليات الغسيل".
وأوضح الهاشمي" ان كل تلك العمليات يمكن ان تسهم بالسيطرة على الضريبة والكمارك، عن طريق عملية صيرفة الكترونية وكشف الحسابات للبنك المركزي فالعمليات مسيطر عليها من قبله، مؤكداً ان في العراق 73 مصرفا جميعها تعمل على تطوير هذا النظام، كونها لاترغب بتداول الاموال، تعزيزا لاستثماراته وقروضه".
وتطرق الهاشمي في حديثه الى أن"اعادة الثقة بين المواطن والمصارف تتم عن طريق منح القروض للمشاريع المتوسطة او الصغيرة لاشخاص حقيقيين".
توطين الرواتب
مدير عام المدفوعات في البنك المركزي العراقي ضحى عبد الكريم ترى أن"استخدام بطاقات الدفع الالكتروني تنعكس على ثلاثة محاور، الاول لتكون لدينا المصارف مؤسسات حقيقية يمكن ان تقدم خدمات للمواطنين وتسهم بشكل مباشر في تنمية الاقتصاد والنهوض به بعد ان كانت غير مهتمة بذلك خلال المرحلة الماضية وغالبية انشطتها تقتصر على مزاد العملة".
وتضيف أنه"بعد استقرار سعر العملة الصعبة في البلد بسبب مزاد العملة، ان الاوان لكي تطور المصارف البنى التحتية والخدمات الموجودة لديها لتستطيع الاستمرار وتكون في مصاف المصارف الموجودة في دول العالم، ومن الاولويات التي يجب ان تتطور خدمات الدفع الالكتروني التي بدأت تقفز بشكل سريع، فتوجه العالم للابتعاد عن التعامل بالورق والروتين الذي يصاحبه زيارة الفروع المصرفية،هذا وان الاستثمار في بطاقات الدفع الالكتروني بات خاسراً لان العالم يتوجه الى التعامل المصرفي عبر الهواتف النقالة كخدمات التحصيل والدفع والتحويل".
وتسترسل عبد الكريم بقولها: إن"البنك اهتم بالبنى التحتية للدفع الالكتروني التي يحتاجها من انظمة وتعليمات وتقنيات لذلك صدرنا نظام خدمات دفع الكتروني سنة 2014، وبناء المقسم الوطني بعد ان كان كل مصرف يصدر بطاقات معينة لم نجدها على الصعيد المحلي،ويقتصر استخدامها على المسافرين خارج العراق، هذا وان بطاقات (الكي كارد) تقتصر على توزيع رواتب المتقاعدين والموظفين كونه شبكة مغلقة وبطاقاته لا تعمل سوى على المكائن المخصصة من قبل الشركة وهذا يتعارض مع توجه البنك المركزي".
ولخصت عبد الكريم فكرة المقسم الوطني بقولها:"انه القلب النابض للدفع الالكتروني، والسمة التبادلية للجميع، اذ يجب ان تكون لدى المواطنين بطاقات تقبل على كل مكائن الدفع الالكتروني، مما جعلنا نذهب الى مستخدمي البطاقات الرئيسيين "فيزا كادر" و "ماستر كارد"، وكان المشروع الاول هو توطين الرواتب يقابله مواجهة كبيرة من مجتمع معتاد على الدفع الورقي بشكل كامل رغم مساوئه كغياب الشفافية ويكلف الدولة مبالغ طائلة لطبع العملات في كل مرة، ولهذا فإن من اهداف التحول الى مجتمع غير نقدي هو تقليل الكلف على الدولة والحفاظ على مبالغ المواطنين والتحول نحو الشفافية، فاستهدفنا النخبة ليكونوا الاداة التي نغير بها ثقافة المجتمع".
عبد الكريم أوضحت ان"المشروع متكامل، فهناك ربط بين الجهاز المركزي للاحصاء والبنك المركزي لاصدار رقم وظيفي واخر مصرفي لضمان تدقيق شهري على كل مبلغ يصرف، وضمان التعامل مع اشخاص فعليين وليسوا فضائيين، لان فتح حساب مصرفي يتطلب حضور الموظف نفسه ولايمكن ذلك بالوكالة او تقديم اوراقه فقط، كما ان ديوان الرقابة المالية ووزارة المالية لديهم دخول مباشر على هذه الانظمة لذلك سنحكم عملية صرف الاموال".
وتطرقت الى قرار الامانة العامة لمجلس الوزراء الذي يقضي بـ" الابقاء على الحساب المصرفي للموظف حتى بعد تقاعده من دائرته ، مما يخلق بيئة تنافسية بين المصارف نفسها لتقديم افضل الخدمات للموظفين والمتقاعدين لفتح حسابات فيها، لاسيما بعد صدور قرار بأن يختار الموظف المصرف من دون اجبار من قبل دائرته، بعد ان حدد البنك المركزي المصرف الذي يشارك في مشروع توطين الرواتب ويجب ان تكون فيه معايير ائتمانية واخرى فنية، مما اسهم في تنشيط المصارف".
وبينت أن" هنالك توجه لتغيير الثقافة المصرفية من اقراض الى ادخار، وعليه بدأت المصارف بمرحلة جدية من العروض الخاصة التي تحفز الموظف على فتح حساب فيها، وان مشروع توطين الرواتب جاء لاعادة التوازن والثقة بين المواطنين والمصارف بعد انعدامها، هذا وان البنك المركزي سيشجع المسافرين على اقتناء تلك البطاقات بدلاً من النقد بعد الاتفاقات مع الشركات العالمية بالحفاظ على نفس سعر الصرف المعمول به في العراق (1200) دينار للدولار الواحد مقابل تعزيز تلك الشركات عن طريق مزاد العملة".
واردفت أن" البنك المركزي سيراقب نسب نمو اعداد الحسابات لدى المصارف، واي مصرف ليس له عدد حساب معين، فليس هنالك اي داع للعمل داخل العراق، مما سيجعل المصارف تجتهد لمنح خدمات ويستطيع اخذ دوره بالقطاع المصرفي".
وبشان استخدام تلك البطاقات في المحال اكدت عبد الكريم أنه" في حال تبضع المواطن من المحال او استخدامه لاجهزة السحب المالي الالكتروني (ATM) وبنفس بطاقات المصرف فإن نسبة الاستقطاع تكون صفرا، ملمحةً الى ان مثل هذه الاشاعات عن نسبة الاستقطاع يقوم بها بعض التجار الذين فقدوا ثقتهم بالمصارف التي يجب ان تزودهم بأجهزة الصرف الالكتروني في حال فتح حساب مصرفي لديها".
ايجابيات وسلبيات
نائب مدير مفوض الشركة العالمية للبطاقة الذكية (كي كارد) علاء عبد الحسين عبد الهادي مدير العلاقات والاعلام في الشركة بين أن" البنك المركزي وجه بإيقاف اصدار بطاقات "كي كارد" اعتباراً من الاول من كانون الثاني من العام الحالي، بعد اصدار الالاف من البطاقات لعشرات الدوائر في بغداد والمحافظات وبضمنها التربية والصحة،هذا وان الشركة اشترت معملاً خاصاً من المانيا لصنع تلك البطاقات للاسراع بعملية اصدارها".
وأوضح عبد الهادي أن"عملية الاصدار والاستبدال بدأت اعتباراً من منتصف عام 2018 وأوشكت على الانتهاء بعد فتح 7 الاف منفذ لاصدار تلك البطاقات وتغيير برمجة الاجهزة التي تصدر بطاقات "كي"وتحويلها لاصدار "ماستر"، ويعود استخدامها لاستفادة المسافر منها خارج العراق في حجوزات الطيران والفنادق، بعد ان بدأت الدول الاوربية وغيرها لا تحبذ التعامل بالنقد وتحاسب الزائر الذي يتجاوز الحد المعين من الاموال الورقية".
وعن سلبيات بطاقات الماستر كارد أكد أن"هذا النوع من البطاقات اذا فقدت من صاحبها، فيمكن للسارق التعامل بها عبر الانترنت سواء بالتسوق او غيره،وهذا الامر كان يستحيل في بطاقة "كي كارد"، مع وجود اجهزة حديثة يمكنها في حال التقرب للبطاقة سحب جميع معلوماتها وتصبح بلا قيمة لصاحبها في حال حصول مثل هذا الامر".
فرصة للاستثمار
الخبير الاقتصادي صالح الهماشي بين أن"بطاقات الماستر كارد تستخدم في جميع الدول كونه نظاما عالميا ويقدم خدمات كبيرة جدا، ويضمن عدم بعثرة الاموال لدى الدولة، هذا مع امكانية احتساب الكتلة او السياسة النقدية للبنك المركزي".
ويضيف أن"الكتلة النقدية المتوفرة ستكون لدى المصارف ويكون حسابها سهل جدا، وتضمن انفاق الاموال من قبل المواطن التي يحتاجها فقط في حال شراء مادة معينة، لتحتفظ الدولة او المصارف بالكتلة النقدية وتوجيهها نحو الاستثمار،اذ ستكون لديها سيولة نقدية كبيرة، وعندما يوجد المال تتوفر خدمات الاقراض والاستثمار".
وتابع أن"لهذه البطاقات ميزات عديدة معروفة، الا ان ابرز مشاكلها في العراق ان عمولة السحب بتلك البطاقات يبلغ الفي دينار عن كل سحبة وهذا غير موجود في العالم الذي يستخدم العمولة المصرفية عن مجمل الحساب، لتكون النسبة 1 بالالف ومن ثم يستقطع المبلغ الذي يحتاجه، ضارباً المثل بأن شراء قنينة مياه سعرها 250 دينار فباستخدام تلك البطاقات يكون السعر 2250 دينار، مما يجعل الموظف او المتقاعد يسحب راتبه بشكل كلي لكي لايستقطع مبلغ الالفي دينار عن كل مرة، ومثل هذا الامر لايخدم الاقتصاد، عازيا ذلك الى عدم وصول مستخدمي تلك البطاقات الى العدد الكافي والبالغ 6 ملايين مشترك، وان الوصول الى هذا العدد سيتسبب بإنتفاء الحاجة الى استقطاع هذا المبلغ".
ويضيف الهماشي أن" المشكلة الاخرى تتمثل في عدم توفر اعداد كافية من منافذ الصرف او المكائن الالية والتي تنتشر في الغالب بالمولات او المناطق التجارية، في حين سيكون سكنة مناطق الاطراف او البعيدة عن مركز المحافظة محرومين من هذه الخدمات، مضطرين لقطع مسافات كبيرة لاستلام رواتبهم، ناهيك عن مشكلة اخرى هي عدم ثقة المواطن بالمصارف بعد ان اشهر عددا منها افلاسه او تعرضها للوصاية وضياع ارصدة الكثير من المواطنين، الامر الذي يحتاج الى حملات توعية من قبل الدولة ورابطة المصارف لتطمين المواطن واعادة ثقته
بالمصارف".
واستطرد الهماشي أن"الاموال اذا تمركزت في المصارف فإنها ستوجهها ببرامج تنمية او استثمار، اذ تقدر الكتلة النقدية ب250 ترليون دينار عراقي في المنازل والمحال التجارية، في الوقت الذي لاتملك الدولة سوى 90 ترليون دينار، مؤكداً ان تلك الكتلة النقدية لو سحبت من المواطنين بتعزيز الثقة بينهم وبين المصارف ووجهت للمشاريع فيمكنها ان تنهض بالاقتصاد ودعمه".