في غياب الأب .. الأخ الأكبر سند وعون أم عبء على الأسرة؟

اسرة ومجتمع 2021/10/16
...

  فجر محمد
لطالما لفتت الانظار علاقة صبا غانم بشقيقها الاكبر حسن، فهو تارة الاب الحنون الذي فقدته في بداية طفولتها، وتارة اخرى الصديق والكتف الذي تتكئ عليه في احزانها، ولم يكن حسن بغائب عن زفافها فقد سلمها بيده الى زوجها وتصف صبا علاقتها بشقيقها الاكبر وتقول بعينين يشع منهما الحب والاحترام:«توفي والدي في حادث سيارة ولم اكن اعي ما يحدث حولي لان سني لم يتجاوز السادسة، ومنذ ذلك الوقت لم اعرف ابا سوى اخي حسن، اذ لم يبخل بحبه ولا باهتمامه، وضحى بالكثير من اجل سعادتنا انا واخواتي الثلاث».
 
النقيض
على الرغم من تفوقها في دراستها وجامعتها، الا ان ليلى فاضل كانت دائمة التغيب وهذا الامر اثار استغراب زملائها، ولكن الوحيدة التي كانت تعرف الحقيقة هي سوسن راشد زميلتها وصديقتها المقربة، اذ تحدثت قائلة: «لليلى شقيق اكبر ولكنه من اسوأ ما يكون، فقد ترك دراسته وبدأ يتسكع مع اشخاص يفتقرون للأخلاق والاحترام، وهذا جعل منه شخصا عدوانيا ورافضا لنجاحات شقيقته الاصغر منه سنا، ولذلك حرمها من الدراسة».
 
مستمع جيد
تحتفظ صبا في منزلها الجديد بصورة تجمعها باسرتها وبالتحديد شقيقها الاكبر حسن، فهو قريب من قلبها دائما كما تصفه وتتحدث عنه بالقول «لطالما كانت علاقتي بشقيقي مثارا للاستغراب والحسد من قبل الكثير من زميلاتي في المدرسة والجامعة ايضا، فهو مستمع جيد لمشكلاتي وغالبا ما يقترح عليه الحلول لها ونتشاور معا ونتناقش في كل ما يخصني».
ويوصي خبراء علم النفس بأن يدعم الاخ الاكبر اشقاءه ويساندهم، وأن يكون بالقرب منهم دائما، وأن يسألهم باستمرار عن تفاصيل يومهم وحياتهم ويركز الخبراء على ضرورة تواصل الشقيق الاكبر مع اخوته المراهقين، حرصا عليهم من مخاطر الحياة وصعوباتها.
 
شرخ كبير
تستيقظ ليلى واختاها كل يوم على صوت شجار وصراخ شقيقها الاكبر مع امها، فهو غالبا ما يكون متعكر المزاج، ويبدأ بتكسير الاشياء من دون اكتراث فضلا عن قيامه بضربها هي واخواتها، وهذا ما وصفته صديقتها سوسن وتابعت حديثها: «في احد الايام انقطعت ليلى عن الدوام الدراسي، واغلقت هاتفها المحمول وهذا اثار خوفي وقلقي عليها، فقمت بزيارتها بشكل مفاجئ في المنزل لاجدها متورمة الوجه وتعاني من الكدمات، وبعد الالحاح والاستفسار تبين بان شقيقها الاكبر قام بضربها بشكل موجع، ولذلك لم تتمكن من الحضور الى الجامعة خجلا وخوفا».
 
التنشئة الأولى
ترى الباحثة بالشؤون النفسية والاجتماعية الدكتورة ندى العابدي أن التنشئة الاولى وطريقة التربية للاولاد تساعد على التنبؤ بشكل العلاقة المستقبلية سواء بين الابناء من جهة وبين الوالدين من جهة اخرى، فعلى سبيل المثال الاسرة التي تنشأ اولادها على تقاسم المسؤوليات والمساواة بينهم، ولا تميز الذكور على حساب الاناث وربما بالعكس، ستنتج ابناء صالحين وهذا الامر ينطبق على الاخ الاكبر كونه اول فرد في هذه الاسرة لذلك فالبيئة الصحيحة تنشئ ابنا يتحمل المسؤولية ويساند اخوته في كل شيء، وينبذ الانانية ويتمتع بنكران الذات. 
 
ظروف اقتصادية
لا يخفي الباحث بالشؤون الاجتماعية ولي الخفاجي ان الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي مرت وتمر بها البلاد كان لها اثر عظيم في العلاقات الانسانية فقد اضطر البعض الى السفر من اجل الحصول على فرصة عمل، ولكن فقدان الاب لاي سبب يحتم على الاسرة أن تعتمد على احد الابناء، وغالبا مايكون الابن الاكبر، لذلك ففي اكثر الحالات الاعتماد يكون على الابن البكر ما يحمله مسؤوليات كبيرة.
 
تهميش 
ما زال لغاية الان هناك الكثير من الاسر تفتخر بان يكون الابن البكر ولدا كي يتحمل المسؤولية ويمتد عبره نسل الاسرة، ولكنهم يتغاضون عن حقيقة ان هناك الكثير من البنات الناجحات في حياتهن، وكم مرت علينا حكايات لاشخاص لم يكتب لهم الله ان يرزقوا بولد بل بنت فقط وكانوا يكنون باسمها، وبعد مضي اعوام طويلة وحالما يأتي الصبي تتغير كنية الاب ويلغى اسم البنت من قاموس استخدامهم والمفارقة في الموضوع ان الاقارب والاصدقاء والاهل لا يعتادون بسهولة على الكنية الجديدة بل القديمة فقط، ويشير العديد من خبراء وباحثي علم النفس الى ان تفضيل الولد على حساب البنت قد يتسبب بمشكلات وعدم تفاهم بين الاشقاء، خصوصا مع شقيقهم الاكبر لذلك من المفترض اتباع مبدأ المساواة بين الاولاد ونبذ التمييز وتفضيل احدهم على الاخر.