قراءةٌ للخوفِ من الجانب الأيسر

ثقافة 2021/10/16
...

 أنمار مردان 
 
المسافةُ فضاضةٌ 
الطرقُ وجيزةٌ بلا تصاوير 
وبيتُك المغلفُ بالعاقولِ 
يدنو وهمًا كي تعيشَ 
ذاكرته ألواحًا طينيةً.
***
زجاجةُ الخمرةِ هذه رمتكَ 
تالفًا أمامي 
فماذا تقول لو تدوسُ المحنةُ 
أحلامَك وتلبسُ 
السماءُ ثيابَها على عجلٍ في داربين 
مأزومةٍ بالعويل؟ 
***
 كما يبدو في غرفِ النومِ الباردةِ 
يعاني نومُك 
المبكرِ من الظلِ 
فأشعةُ الشمسِ التي أتلفتَها 
شيبةُ أبٍ خاض معركته 
الأخيرة مع الأمكنةِ 
والحاناتِ السالكةِ إلى الخوفِ 
مازالت تحلمُ بالصحو كقطارِ نجاةٍ. 
***
يقرأُ عزرائيلُ امتحانَهُ 
العسيرَ مع الله 
فلن يبقى إلا هو 
فتمدُّ فراشةُ ما عنقَها 
وتقولُ يا عزرا أين أضع صورتي 
المرتبكة الآن؟ 
فيضحك ويردُّ لا مكانَ للفراشاتِ هنا 
فكيف تموتُ وأنت ذبابةٌ؟
***
مذُ نشأتها الأولى لم تبتسم الشوارعُ 
القديمةُ مطلقًا فكانت تضحكُ 
بخجلٍ فظيعٍ خوفًا من الشبابيكِ 
المنتصبةِ على مضضٍ 
وحين ينامُ الرصيفُ على يدِها 
يلسعُ النهارُ أكتافَ البائعين 
المتجولين فتنهالُ 
الآخرة 
مساءً عليك وعليهم بالقُبل 
المتلاحقةِ 
لتسكرَ وترتعشَ 
فلولا الخمرةُ يا هذا تجوع 
الجنةُ هناك... 
***
صورةٌ لغلافٍ محذوفٍ 
أعوادُ ثقابٍ طريّةٍ 
ووطنٌ بين هلالين 
يتحرّقون جميعًا حين تزأر
 الأم بعد أن تفقد ولدَها 
وأنت تقفُ أحمقَ مثل حديقة 
منزلنا حين تجتاحُها القطط 
والكلاب السائبة...
***
وسادةٌ من الضحايا تسيرُ 
بطريقةٍ تثيرُ الشفقة 
ومجاديفُ أيامِك ترى الشمسَ 
بلا خدوشٍ 
لذا ماذا لو نعلمُ الموتى 
مهنة الانحراف؟ 
***
 يا هذا لا تغسل شجرةً بعد موتِها 
خوفًا على اليابسةِ من الحطابِ 
فالأرض ستعجُّ بالتوابيت حتمًا..
***
مغمضُ العينين يرقدُ بسلامٍ 
هذا البلد العريض 
بجنائزِهِ وحين تغسلُ 
أرملةً لزوجة الموت من صحونِهم 
نرسمُ على وجهِك جوقات 
موسيقية شاحبة 
وما أجمل أن تذهب إلى الله راقصًا؟.