سلام مكي
ما أشاعته إحدى الفضائيات مؤخرا، من انه بإمكان مطلوبين للقضاء العراقي بقضايا جزائية العودة الى البلد دون محاسبة قانونية، من خلال ترتيبات سياسية أمر تبين عدم صحته وكذبه، اذ ان السلطة القضائية، أشارت الى ان مذكرات القبض التي أصدرها بحق الاشخاص المعنيين او غيرهم، انما تتم وفقا للسياقات القانونية التي تعمل بها وليس وفقا لأجندات سياسية، وفق ما جاء في تقرير القناة الفضائية. الخبر ورغم عدم تأكيد الجهات المختصة له أخذ صدى واسعا وبعدا اجتماعيا وسياسيا، من خلال ردود الافعال التي اثارها في الأوساط الشعبية والسياسية. القناة ورغم نفي الجهات المختصة الخبر لم تعتذر ولم تبين انها كانت على خطأ بل التزمت الصمت ولم تبين لجمهورها الحقيقة. ان اشاعة مثل هكذا اخبار الغرض منها جس نبض الشارع العراقي ومدى تقبلها للموضوع اولا وثانيا هو محاولة منها لإيقاد جمرة في رماد الطائفية الذي يوشك ان يذر الى الابد في عيون الطائفيين. ما يؤسف له ان بعضا من السياسيين الذين يقولون ليل نهار انهم مع حكم القانون ودعم القانون، اخذوا يكيلون التهم الجاهزة بحق القضاء دون التأكد من صحة الخبر. كذلك، ثمة مثقفون تناقلوا الخبر وصدقوا ما جاء به، وبالنتيجة صدقه جمهورهم الذي يعتقد ان الخبر الذي يصدقه المثقف لابد ان يكون صحيحا. بالتالي تم خلق رأي عام وفكرة قائمة اصلا على شائعة أطلقتها وسيلة اعلامية معروفة التوجهات والافكار. وكان لوسائل التواصل الاجتماعي دورا كبير في انماء ذلك الرأي، وتحشيد الرأي العام ضد المؤسسة القضائية بوصفها السلطة المخولة بإدانة او الافراج عن المتهمين. ولم ينفع البيان الذي اصدره مجلس القضاء الاعلى في تكذيب الخبر، اذ لازالت بعض الصفحات تروج للخبر وكأنه حقيقة. الجانب الأكثر ظلمة وعتمة في هذه الشائعة انها استطاعت ان ترسخ في أذهان الناس ان القضاء يدار وفقا للأجندة السياسية وان المزاج السياسي هو الذي يحكم عمل السلطة القضائية وليس القانون. الناس، ترى ان الاشخاص المعنيين بالشائعة، لديهم سجل حافل في شتم العراقيين واطلاق العبارات الطائفية بحق فئة واسعة من العراقيين، خصوصا وان التغريدات التي اطلقوها عبر منصات التواصل الاجتماعي ومقاطع الفيديو على يوتيوب لازالت موجودة، وكلها تتحدث بالضد من الدولة العراقية ومن كافة افراد الشعب العراقي، اضافة الى دعم داعش والترويج لأفكاره. وفجأة يسمع ان القضاء ووفقا لترتيبات سياسية، قرر اسقاط كافة التهم عنهم.. ان على الجهات المختصة ان تراقب الجهات التي تطلق الشائعات، خصوصا تلك التي تنال من هيبة القضاء والدولة بصورة عامة، فالنيل من القضاء يعني النيل من سمعة الدولة بشكل عام، وان تعاقب كل من يطلق الشائعات، كون ان الشائعة تؤدي الى نتائج سلبية وخطيرة تؤثر على وعي الناس وحياتهم. ان سياسة القضاء واضحة وثابتة في ان الاعتماد على القانون كمرجع اساس ووحيد في تحقيق تلك السياسة، وكلما اتجهت بوصلة القضاء الى مزيد من الاستقلالية والتحرر من هيمنة السياسة، يحاول البعض جرها عبر مستنقع الشائعات الى هيمنة من نوع آخر، هيمنة تعتمد مزاج بعض الجهات السياسية والحزبية. نحتاج الى جهد أكبر واوسع في سبيل محاربة الشائعة عبر بث الوعي بين الناس وتقوية حكم القانون.