أصابعي ساعة جداريَّة لم يستحوذ الزمن على تفاصيلها

ثقافة 2021/11/06
...

  حميد حسن جعفر 
 
(اولاً) لا شيء مما يحيطُ بكِ يستحق أن يؤسسَ نهاياتٍ للعالم، العالم الذي يشبه بطيخةً، أو ربما لم يكن أكثر من حالة حمل خارج الرحم، لكِ أن تعيدي تكوين قاعة الدجاج البياض، او تسألي بائع الفازلين عن اسعار صرف الدولار، أو أن تشيري لبائع الفراولة عن إمكانية زراعة أحد الشعراء المعاصرين ليطلع على شكل عمارةٍ سكنيةٍ، الفرضيات أعلاه لن تغير من بقاء العالم منفتحاً على نهاياتٍ غير متوقعة، جهلكِ بكيفية الذهاب الى الدار التي عند اقصى المسطحات المائية لتجدي شخصاً تحسبينه فرقداً بانتظار مبعوثيكِ، وأن العالم الذي حولكِ مجرد خاتمٍ يمكن أن تديريه شمالاً أو يميناً، وأنه ليس أكثر من حمى ووهن وما تتركه الجرعةُ الأُولى من لقاح 
كوفيد 19. 
(ثانياً) إن شعرتِ بالوحدةِ من الجائز أن تنزلي سلم شقتكِ التي في الطابق الستين مثلاً، الى حيث مقهى الرصيف لتحتسي شايكِ، ما زمن حارسٍ ليليٍ لا يعرف شيئاً عن تاريخكِ الذي بدأ من بين يدي وانتهى بين العمودينِ والعارضة، حتى أتعبتكِ الثمانية عشر متراً وركلات الترجيح، والزوج الذي ترمي به تاكسيات ما بعد منتصف الليل، ليبتلي به حارسُ العمارة، أو عامل المصعد، أو عمال المطاعم والفنادق الذين مازالوا ينتظرون غريباً او مسافراً او سكيراً لم يهتدِ بعد الى دار سكناه، حبة الفاليوم كفيلة بأن تلغي الوحدةَ، حينها لن تجدي سواها بديلاً عمن تنتظرينه، ليعيد تشكيل سرير النوم، وما تبقى من الليل، مساءٌ سعيدٌ قالها شخصٌ ما، وأنتِ تضغطينَ على زرّ الطابق الستين، أو 
ما يليه. 
(ثالثاً) اسمك ما كان ليهبطَ في سوق البورصة لولا ما يشبه المؤامرةَ، بهيّاً كان كأي بضاعة انگليزية، ليست بحاجة لورقة ضمان، عهدي بالفتاة الشبيهة بكِ كأي طريق بمساراتٍ متعددةٍ، يحسبها أصحابُ المركبات تيهاً، فإذا بها حافة لا تتسع لسوى ما يشبه القططَ، أو عمال السيرك، حين أخطأُ لحظة أسأل عنكِ يقولُ أحدهم: إنها الثيلُ الصناعي، أو الملفوف الصيني، أو إنها بقية دخان الديزل، وحين أستطلعُ الأمرَ عن هذه العبارات، اسمعُ بائعَ الفحم يهمس: هل اهتديت في يومٍ ما الى ما يسمى -رماد 
الهشيم؟ 
لمْ افهمْ لِمَ السؤال، قلتُ: لماذا هذا القول، قال؛ تلكَ الفتاةُ هي الهشيمُ الذي كان شديد اللهب. 
(رابعاً) مجرد محاولة، محاولة فقط تشبه الفرضيات، ربما هي ما يقال عنها الميتا، البعضُ ممن لم يختبرها بعد يصنعُ ثقباً أسودَ ويطمره، ويمنحها مجد تغيير شكل المجرة، من غير ان يلتفت إليَّ، لم أكن مجرد ما يشبه البهارات، أو إحدى وسائل طبخٍ للاقتراب من الأنثى، إنها الطين. التي وضعها الله بين يدي، وأمام كافة خلقه ليختبرني، ليمتحن أنصاري، لا ليخذلَ خصومي، إنهم فقهاء القبيلة، وخطباؤها، ومن ادعى أنه من أهل الجنة، ليسلخ جلدي بلسان سليط، وبأفكارٍ تنكرُ وجودا أقمته لإعلاء شأنه، ليجلسَ الجميعُ نسوةً ورجالًا، كلٌّ خلف نافذته، ويعاينُ ماذا يحدثُ أمام عينيه، لا شيء سوى فتى وفتاة أحبا بعضهما ليحكم الجالسون خلف نوافذهم عليهما بالخيانة، هذا ما حدث، وهذا ما سيحدثُ، مجرد محاولة بعيداً عن 
الابتزاز.
(خامساً) بجوار نفق -٥ ميل - سأترجلُ عن ظهر المركبة العمومية، سأعبثُ ببعض الوقت الفائض عن حاجتي، لم يعد الوقتُ ضرورياً عند غياب الأنثى، عليَّ أن أتقي التفكير بتلك الفتاة الموهوبة بلعبة القفز بالزانة، وبلباقة غير معهودة لدى ربيباتها، كانت تلوي عنق الأفكار فتبدو كمن لم يقلها أحدٌ من قبل، وكنتُ أُكذبّ دعواها، فأنا من نصّبَ حاشيتها ليكونوا قادةَ جيوشي برتبة شهداء، وما كنتُ أتوهمُ ما يحصل، منظف دورات المياه يعلم ولدها البكر الفروسيةَ، ووصيفتها تتحدث عن الدببة كما لو كانت فراشةً، مرضعة البنت الوسطى بقرة ترعى بحقول البرسيم خاصتي، لم أعد أهتمُّ بما مضى، سأزور معارض التصوير الفوتوغرافي عسى أن أعثر على المصور الفوتوغرافي الخاص بالاستعراض الرياضي/ الساحة والميدان، فإنني بحاجة لأن أختلي بمن يسكنني لتسوية ما بيننا من 
أوهام.