روائي سنغالي يفوز بجائزة غونكور ورسالة قويَّة للعنصريين

ثقافة 2021/11/06
...

 سعاد العبد الله
إنها رسالة لكل المتعصبين العنصريين اِدعاء نقاء العرق الأبيض وتفوقه، وتحد للأصوات الشاذة، لا سيما في هذه المرحلة، التي تتهم الأفارقة بالتخلف والجهل والدونية. 
مرة جديدة يؤكد الأدب الافريقي جدارته عبر الفوز الساحق للكاتب السنغالي محمد مبوغار سار، البالغ من العمر 31 عاما، والمقيم في باريس حاليا بهدف الدراسة، بأهم جائزة  أدبية فرانكوفونية مرموقة، وهي جونكور 2021، من خلال رواية {أكثر ذكريات الرجال سرية}، وهي رواية {عالمية} تحملها لغة رائعة وقصص أبدية، كما وصفها النقاد.
الحدث الذي أعلن من قلب باريس جاء ليتوج سلسلة من مقالات النقد الإيجابي بحق الرواية الأفريقية التي هي الرابعة للكاتب سار، وفي موضوعها الشيق والممتع يتناول التحديات التي يواجهها الأدب الأفريقي. الرواية تنطلق وتستعيد رواية أفريقية أخرى هي {واجب العنف} للكاتب المالي يامبو أولوغيم (1940 - 2017) التي حازت {جائزة رينودو} (1968)، وصودرت بعدها لاتهام كاتبها بالاستعانة بجمل ومقاطع لكتاب معروفين، ما أدى إلى اختفاء الرواية من المكتبات الفرنسية لمدّة ثلاثة عقود، في مقابل الصمت المطبق
للكاتب.
بطل رواية سار الفائزة هو دييغان لاتير فاي، كاتب سنغالي يعيش في باريس يكتشف كتاباً منشوراً منذ سنة 1938، مما يدفعه إلى التحرّي عنها وعن كاتبها. يقوده ذلك إلى التنقل بين السنغال والأرجنتين وباريس وأمستردام. من خلال هذه القصّة، يوغل سار في ذاكرة الاستعمار، والحرب العالمية الأولى، بين الواقعي والمتخيل. إذا كان محمد مبوغار سار قد تعمّق في القصة الحميمة لشخصياته بوصفهما كاتبين أفارقة، فإنه يجري مسحا أيضًا، من خلال مسافة مليئة بالفكاهة، لتاريخ العلاقة المضطربة بين أفريقيا والغرب، والفتنة المتبادلة الممزوجة بالخوف، التي تربط الرجل الأفريقي والرجل الأبيض، ومن ثم إعادة النظر ببراعة في الوجه الأبدي لمواجهة الشمال الجنوب.
كتب عنه أحد النقاد: بقلم غزير وغنائي ومبتكر، ينشر محمد مبوغار سار  روايات متعددة، وبكل أنواع الأشكال، خصوصا في هذه القصة، التي تحتضن قصة القرن العشرين حتى اليوم، من الاستعمار إلى التحرر.
ويقول أحد أعضاء لجنة تحكيم غوغكور: هذه الرواية {العالمية} هي في حد ذاتها رواية مثيرة، حكاية فلسفية، ترنيمة للأدب والحرية، قصيدة للحياة، مع شخصيات نسائية رائعة.
كاميل لورنز من لوموند تقول عن الرواية: {لا يزال للأدب عمال التنقيب عن الذهب، والشباب كمصابيح أمامية، هذا أفضل خبر للعام الدراسي الجديد}.  وفي مجلة {الأكسبرس} تقول ماريان بايوت: {هذه الرواية هي كتاب رائع، جوهرة المعرفة التي تسحر وتنقلك وتطاردك}.
الكتاب لم يجذب اهتمام بائعي الكتب على الفور، كما يعترف ماري لوري والكينير من دار {فيليب ري}، {لكن مع الاستقبال الحماسي للصحفيين، تم شراء الكثير من هذه الرواية وهم يدافعون عنها كثيرًا الآن}، يضيف المسؤول الصحفي. طبع الكتاب لأول مرة في 5000 نسخة، وتمت إعادة طبع الكتاب عدة مرات، مع توزيع {يصل اليوم إلى 30000 نسخة}، كما يحدد الناشر.
نشأ محمد مبوغار سار، الابن الأكبر من بين سبعة أولاد، في ديوربل شرق داكار في بيئة مميزة، كانت تؤمن بالجدارة. وهو كان قد قال لوكالة فرانس برس {أريد فقط أن أعطي أفضل مثال ممكن لأخوتي}.
الكاتب السنغالي كان إنصرف إلى الدراسات العسكرية، وانضم أخيراً إلى مدرسة الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية في باريس، ويقول: لم أنتهِ من رسالتي، لأنني بدأت في الكتابة كثيرا في ذلك الوقت، وانتصر 
الأدب}.