الدولة وفاعلية مشروعها الثقافي

ثقافة 2021/11/07
...

علي حسن الفواز

بناء  الدولة وحماية وجودها ليس شأنا سياسيا  فقط، بل هو  موضوع ثقافي يتعلق بصناعة خطاب وهوية تلك الدولة، مثلما يتعلق بصياغة  اسس العقد الاجتماعي بين الدولة ومواطنيها، وعلى وفق اسس تكفل التعايش والاحترام والقبول بالآخر، والالتزام  بالقوانين والاطر الكافلة لصيانة مشروع الدولة ومؤسساتها..
وبقدر ما يتطلب بناء الدولة من فواعل تدخل في السياسة والاقتصاد والأمن، فإن علاقتها بالاجتماع الثقافي تكتسب اهميتها من خلال التفاعل الحقيقي بين الشعب والدولة، عبر صيغ اجرائية تضمنها القوانين والتشريعات الحاكمة، فضلا عن الصيغ الرمزية التي تعني احترام سيادة الدولة ومؤسساتها والعاملين فيها، وهذا مايجعل حادثة الاعتداء على منزل رئيس الوزراء تجاوزا على رمزية الدولة وسيادتها، ونقضا للعقد الوطني مع الدولة، فضلا عن تداعياته الخطيرة على الأمن  والاستقرار الوطنيين، وعلى اعادة تأهيل بنية الدولة سياسيا واقتصاديا، والتي تعاني منذ عقود من مشكلات بنيوية خطيرة، والتي يتعلق بعضها بالصراعات الداخلية والتحديات الخارجية، مثلما يتعلق بعضها الآخر بالقدرة على تأمين فرص حقيقية للتنمية ولحماية السلم الاهلي، ولخلق بيئات سياسية واقتصادية تكفل تحولات بناء الدولة الجديدة، عبر ترصين المشروع الديمقراطي، وعبر ضمان تطور نظامها السياسي والاجتماعي، وتوسّع مجالاتها الاستثمارية وفي المجالات المتعددة، ومنها الاستثمار الثقافي والبيئي والسياحي، وهي استثمارات لا يمكن لها أن تكون منتجة وفاعلة إلّا في ظل بيئات اجتماعية وسياسية وأمنية حقيقية، يدرك فيها الجميع أهمية الدولة ورمزيتها، واهمية ثقة الآخر بها، وبقدرتها على الحماية والمشاركة والتواصل، لأن الحماية السياسية والاخلاقية للدولة هي صلب عملية حماية مشروعها الثقافي والاعلامي، إذ تكون الثقافة مصدرا مهما في تحفيز قيم التواصل، وفي حماية قيم التنوع والتعدد، ولاعادة انتاج صورة العراق الكبير في الذاكرة الانسانية، وبالتالي تحويل الاستثمار الثقافي الى مصدر فاعل في التنمية البشرية، وفي دعم برامج التنمية الااقتصادية، وخلق منصات ومنابر اكثر عقلانية ونقدية لمواجهة أفكار الارهاب والكراهية والعنف.. 
ماجرى فجر يوم الأحد يكشف عن مشكلة خطيرة، لاتخص الأمن السياسي فقط، بل أمن الدولة وهويتها ورمزيتها، فضلا عن مايتعلق بالأمن المجتمعي، وضعف ادوات الفاعل الدستوري في صيانة المشروع الوطني، وفي تفعيل مسؤوليات الحوار الوطني بين القوى السياسية، لضمان نجاح العملية الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة من جانب، والى الركون للقانون في معالجة المشكلات التي تحدث هنا او هناك من جانب آخر.