حمزة مصطفى
"قمر" الطفلة الموصلية ذات الثلاثة أعوام شكلت المأساة التي تعرضت لها تحديا لنا جميعا, مجتمعا (نخبا فكرية ودينية وثقافية) وسلطة (برلمانا وحكومة). حادث الإغتصاب الذي تعرضت له وهي في هذا العمر الغض على يد مجرم أربعيني لا يتلخص بفقدها عذريتها. فهي لاتزال خارج سياقات العذرية من عدمها أو الاغتصاب بوصفه ظاهرة موجودة ليس في مجتمعنا وإنما في كل المجتمعات. قصة قمر مختلفة تماما. قصة قمر لها صلة بما بتنا نعيشه كمجتمع من ظواهر شاذة تتطلب معالجات سريعة بإنفاذ القوانين النافذة بأقصى مدياتها وأخرى بعيدة المدى من خلال تشريع قوانين جديدة تحد من انتشار الجريمة فضلا عن بحث أسبابها ومسبباتها وهي كثيرة ومتشعبة.
الإجراء السريع في قضية قمر جاء على يد رئيس البرلمان محمد الحلبوسي. فهذا الرجل الذي يقف على رأس السلطة التشريعية في البلاد بدأ يلفت النظر حقا في متابعات نوعية لشؤون الناس سواء ممن يتعرضون للحيف والظلم أو ممن يتطلب وضعهم المالي أو الصحي معالجات خارج السياقات المألوفة وإجراءات الدولة. صحيح أن أية إجراءات من هذا النوع لن تحل أصل المشكلة بل تحتاج الى معالجات جذرية وشاملة لكن في الوقت نفسه أن القوانين والإجراءات يأتي قسم كبير منها عبر متابعات المسؤول ولقاءاته المباشرة بمختلف شرائح المجتمع.
محمد الحلبوسي الذي دخل ساحة التنافس الزعاماتي متأخرا بالقياس الى آخرين سبقوه ومن جملتهم الآباء المؤسسين للعملية السياسية يمثل ظاهرة لافتة بحد ذاته وذلك لجهة مايتميز به من حركة في الميدان لا من وراء المكاتب. ماقام به هذا الرجل حين إستقبل ذوي الطفلة المجنى عليها "قمر" لدى مشاهدته تقريرا تلفازيا عن حالة عائلتها يجسد حرص المسؤول بالوقوف ميدانيا حيال قضايا لايمكن تركها للإجراءات الروتينية. فجريمة قمر مختلفة عن كل جرائم الاغتصاب أو الاعتداء على الطفولة.
ماحصل لقمر لايمكن تركه للسياقات مهما كانت حرفية في مجال القانون عبر القاء القبض على الجاني ومحاكمته. الحلبوسي وعبر بيان مكتبه قرر متابعة حالة قمر شخصيا الى أن ينال الجاني جزاءه العادل. هذه بحد ذاتها التفاتة في غاية الأهمية لجهة مضي الإجراءات القانونية عبر مسارها السليم دون تدخل. فالحلبوسي تكفل بأمور كثيرة تخص عائلة قمر الفقيرة, وبالتالي فإنها لم تعد عرضة لحالات الابتزاز التي قد يتعرضون لها لتسوية القضية عبر حلول وسط. الحلبوسي رئيس السلطة التشريعية في العراق قرر الوقوف حيال أية إجراءات من هذا النوع أو غيرها وهو مايستدعي في الوقت نفسه أن يشرع البرلمان قوانين ذات شقين .. الأول قوانين ضمان صحي وإجتماعي بحيث ينتهي الى حد بعيد مفهوم خط الفقر, والثاني قوانين رادعة وحامية للمجتمع والطفولة في المقام الأول. استطيع القول الآن وبعد تدخل الحلبوسي في قضية "قمر" باتت الآن قمر بأيد أمينة.