المرأة .. والفساد

آراء 2019/03/08
...

عدوية الهلالي  
ربما يكون مانرى في البلد من فساد وارتباك وفوضى وتدهور قد نشأ من انتهاك المبادئ النزيهة والتعدي على الحقوق واستغلال النفوذ والمناصب واستخدام المال في الرشاوى ومن عدم شعور الفرد بالواجب ، اذ يتحتم على المحكوم ان يجعل من واجبه كشف فساد الحاكم، لكن اسبابا عديدة تقف وراء الصمت ازاء انتشار الفساد منها المصالح والفقرواللامبالاة والكراهية ومنها ايضا الخوف من العواقب وهو ما يجعل دور المرأة ضعيفا في مراقبة الفساد وكشفه على الرغم من كونها تمثل نصف المجتمع ولها أثر بالغ في التنشئة الاجتماعية لكنها تواجه مرضا يصعب استئصاله ووحشا يلتهم من يتجرأ على المساس به، لذا تظل محاولاتها ضئيلة بالنسبة لحجم وضخامة الفساد المنتشر بين مختلف قطاعات التنمية على الرغم من قدرتها على مكافحة الفساد بطرق عديدة ،ذلك ان للفساد اهمية كبيرة في التأثير سلبيا على القيم الاجتماعية والفردية وعلى عملية التنمية والبناء فضلا عن كونه من أهم التحديات التي تواجه المجتمعات ومنها مجتمعنا 
العراقي .. ولأن المرأة تمثل نصف المجتمع وبين النساء العراقيات من بلغت مراكز صنع القرار ونالت مناصب قيادية لذا تقع عليها ايضا مسؤولية مكافحة الفساد، ولاسيما وان أكبر آثارالفساد تلك التي تتعلق بالحياة السياسية لأن فساد الحياة السياسية يعني خراب المجتمع اذ يؤثر ذلك على منظومة حقوق الانسان وتكافؤ الفرص بين الجنسين والنظرة بعين المساواة الى المرأة، فرغم وجود الكوتا، مازالت المرأة تحشر في الميادين التقليدية فلا تمنح الدور الحقيقي بما يتناسب مع خبراتها العلمية ومؤهلاتها كانسان وليس كجنس!! كما ان المرأة 
تتعرض في تدرجها الوظيفي الى مساومات احيانا ويمكن ان تستخدم كسلعة في الاعلام والاعلان والدراما مايؤثر على المنظومة القيمية للمجتمع ، فضلا عن تأثير الفساد على المنظومة التعليمية في حالة تسرب الاطفال والفتيات من التعليم بسبب نقص التخصيص المالي لقطاع التربية والتعليم، فالمرأة هي اكثر المتضررين من استشراء الفساد 
في مجتمع ما بسبب غياب التشريعات القانونية وضعفها وعدم جدية بعض الجهات الرقابية العليا في متابعة قضايا الفساد.. 
وتؤدي مشاركة المرأة فـــــي المناصب القيادية الــى تقليل حـــوالــي 10 % من حالات الفساد في العالم – حسب الاحصائيات الدولية في الامم المتحدة – من حيث قبول الرشا والهدايا ومخالفة القوانين كما انها يمكن ان تعمل على ترسيخ مفاهيم ستراتيجية كبيرة في مكافحة الفساد ، عدا كونها الأقل فسادا لأن نسبتها في حجم السكان اقل من الرجل وينسحب ذلك على تواجدها في اماكن العمل..
لقد استشرى الفساد بشدة رغم وجود حروب وحصار وجوع واضطهاد قبلها، ويعود السبب الى عدم احترام القانون وغياب الخوف من السلطة فضلا عن زعزعة القيم الاخلاقية والاجتماعية والابتعاد عن الدين، كما ان الفاسد الآن يتباهى بفساده ويعتبره المجتمع ناجحا بينما يعتبر من يلتزم بالقانون خائفا، لذا تخشى المراة الخوض في قضايا الفساد لتربص الذكور في الدوائر والمؤسسات بالنساء النزيهات ومنعهن من تولي المناصب القيادية، لذا يبقى امامها اتخاذ دورها الحقيقي بالوقاية من الفساد من خلال الامتناع عنه ذاتيا بمساعدة التربية الاسرية ومحاولة غرس البذرة الاولى لمكافحة الفساد عبر تربيتها الاطفال واتخاذها دور الرجل خلال غيابه في اغلب الاحيان، 
لأنها يمكن ان تكون موجها ناجحا بدءا من تربيتها الأولاد وحتى تحمل المسؤولية ورفض الفساد في مجال العمل.. اذ ينبغي على كل امرأة اتخاذ دورها الفاعل في محاربة
الفساد وليس شرطا ان يكون لها منصب سياسي فقد تعجز عن فعل شيء لانها تحت سيطرة قوى سياسية كما ان هناك فسادا سياسيا يفرض نفسه على الرجل والمرأة، ولكن من الممكن
الاعلان عن ظواهر الفساد الحقيقية في قنوات الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وان تتم الكتابة من دون خوف حتى وان كان ذلك تحت اسماء مستعارة لغرض وصول تلك الظواهر الى الجهة المسؤولة 
لمعالجتها.